أَمَا مَا نَقَلْتَهُ مِنْ روَاياتٍ عَنْ الفَاكِهِيِّ: أَنَّ الْخُلَفَاءَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْمَْغرِبَ فِي الشِّعْبِ الذِي بَالَ فِيهِ النَّبِيُّ- صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ثُمَ عَلَّقْتَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَاياتِ فَقُلْتَ: وَظَاهِرُ هَذَينِ الطَّرِيقَينِ أَنَّ الْخُلَفَاءَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْمَغْرِبَ عِنْدَ الشِّعْبِ الْمَذْكُورِ .. وَهُوَ خِلافُ السُّنَّةِ.
فأَقُولُ لَكَ: أَمْرُكَ عَجِيبٌ، تَارَةً تَحْتَجُّ بِالفَاكِهِيِّ،وَتنْقُلُ عَنْهُ كَمَا فَعَلْتَ هُنَا وَتَارَةً تُضَعِّفَه وَتَرُدُّ روَاياته،كَمَا فَعَلْتَ فِي بِدَاياتِ بَحْثِكَ، فَمَاذَا نَفْعَلُ؟!!.
ج/ رَدَّ الْمُعْتَرِضُ مَا نَقَلْتُهُ عَنْ الإمَامِ التَّابِعِيِّ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيرِ- رَحِمَهُ اللَّهُ – فَقَالَ: ماذكره الشيخ الحميدي من الاستدلال بأثر عروة بن الزبير يرده أمور).ثم لم يذكر إلا أَمْراً وَاحداً لا غَيْر.
فَقَالَ: (مِنْها أَنَّ ابنَ أبِي شَيْبَةَ، ذَكَرَ كَذَلِكَ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيرِ فِيمَنْ صَلَّى قَبْلَ دُخُولِ مُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ ذَكَرَهُ فِيمَنْ صَلَّى فِي مُزْدَلِفَةَ).
وَأَقُولُ:لَيْسَ فِي الأثَرِ تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ الشِّعْبَ قَبْلَ مُزْدَلِفَةَ، وَوَجْهُ الدَّلالَةِ عِنْدِي، أَنَّ عُرْوَةَ بِمُجَرَّدِ مَا أفَاضَ صَلَّى الْمَغْرِبَ. فَفِي هَذَا دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ الوَادِيَ كُلَّهُ مِنْ بَعْدِ عُرَنَةَ هُوَ المَشْعَرُ الحَرَامُ.
عَقَدْتُ فِي رِسَالَتِي عَنْ مُزْدَلِفَةَ (ص50) عُنْوَاناً فَقُلْتُ: (تتميم .. جَاءَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بنِ زَيدٍ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ مَالَ إِلَى الشِّعْبِ الأيْسَرِ فَبَالَ ثُمَّ تَوَضَأُ وُضُوْءا ً خَفِيفاً .. الحَدِيث). وَهَذَا التميم لا عَلاقَةَ لَهُ بِأثَرِ عُرْوَة بنِ الزُبَيِر، وإنَّمَا هُوَ تَكْمِيلٌ لِلْبَحْثِ لأَنَّي خَشِيتُ أَنْ يُشكلَ أَمْرُ هَذَا الشِّعْبِ وَمَوْضِعِه عَلَى القُرَّاءِ فَقَدَّمْتُ دِرَاسَةً عَنْهُ يَحْسُنُ مُرَاجَعَتُهَا فِي رِسَالَةِ الْمُزْدَلِفَةَ.
عَلَّقَ الْمُعْترِضُ عَلَى كَلامِي قَائِلاً: (وَمَاذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُنَا بَعِيدٌ، فَهَذَا الشِّعْبُ لَيْسَ بِقَرِيبٍ مِنْ عَرَفَةَ وَلا هُوَ وَاقِعٌ فِي عُرَنَةَ)
ثُمَّ حَدَّدَ البَاحِثُ هَكَذَا مِنْ عِنْدِهِ مَوْضِعَ هَذَا الشِّعْبِ الَّذِي بَالَ فِيهِ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (وَهُوَ قَبْلَ المَأزَمَينِ مِنْ جِهَةِ مُزْدَلِفَةَ عَلَى مَا يُسَمَى الأخْشَبَيْنِ).
وَأَقُولُ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟!! مَا ذَكَرَ شَيْئاً يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ.
وَلَكَنَّهُ أعَادَ حَدِيثَ جَابِرٍ .. (كُلَّمَا أتَى حَبْلاً مِنْ الحِبَالِ أرْخَى لَهَا قَلِيلاً حَتَّى تَصْعَدَ) وَقَدْ مَرَّ الكَلامُ عَلَيْهِ وَبَيَانُ خَطَئِهِ فِي مَعْنَى الحِبَال وَالْجَوَاب عَنْهُ، وَلا ذِكْرَ لِنُزُولِهِ وَبَوْلِهِ هُنَا، فَلا أدْرِي مَا وَجْهُ ذِكْرِ هَذَا الحَدِيثِ.
وَأعَادَ نَقَلاً عَنْ ابنِ تَيْمِيَّةَ مِنْ الفَتَاوَى (26/ 131) " بَلْ يَدْخُلُونَ عَرَفَاتٍ بِطَرِيقِ المَأزَمَينِ " وَلا أدْرِي مَا وَجْهُ ذِكْرِ هَذَا؟! أَيْنَ فِي كَلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ قَبْلَ نِهَايَةِ المَأزَمَينِ مِنْ جِهَةِ مُزْدَلِفَةَ فَبَالَ؟!
ثم أعَادَ النَّقْلَ مِنْ كِتَابِ السُّنَنِ وَالآثَارِ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ (أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَلَكَ طَرِيقَ المَأزَمَينِ). وَلا أدْرِي أَيْضاً مَا الْحَاجَةُ لِهَذَا وَقَدْ بَيَنْتُ أَنَّ هَذَا الحَدِيثِ لا سَنَدَ لَهُ. وَلا يُوْجَدُ لِلْمَأزَمَينِ ذِكْرٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ- صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثاً مِنْ مُسْنَدِ أحْمَدَ (2/ 131) عَنْ أَنَّسٍ بنِ سِيْرينٍ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ ابنِ عُمَرَ، فَلَمَّا أفَاضَ انَّتَهَى إِلَى الْمَضِيقِ دُوْنَ المَأزَمَينِ،
¥