وأعجبُ ما في هذا الشرط مساواتهُ بين الرجل والمرأة في تحريم تعدد الزوج , فكما يحرمُ على المرأة الجمعُ بين رجلين فالرجلُ يحرمُ عليه الجمع بين امرأتين , لا سبيل لهما إلى ذلك إلابالانفصال و (خراب البيوت) , والفرقُ بينهما هو أن الرجل لا يمكث ثلاثة قروء .. !!
ولذلك أقول:
إن اشتراط المرأة على الزوج ألا يتزوج عليها كما هو حالنا نحن الشناقطةُ الذين نقول في العقد (لا سابقةَ ولا لاحقةَ) فيكونُ ذلك شرطاً يقتضي طلاقَ من في العصمة قبل العقد ومنعَ التزوج بأخرى بعد العقد , ويكون الرجل بذلك وقفاً على هذه (السِّت) يصيبهُ ما أصابها ولا حول وله ولا قوة , وتتعطلُ بذلك نساء المسلمين من الأيامى والمطلقات فلو اقتصر كلٌ منا على زوجته فمن لهؤلاء.؟
وسأتركُ الشق الأول من الشرط الباطل وهو (لا سابقة) لأنه خارجٌ عن الموضوع وأقول في الشق الثاني وهو (لا لاحقة) أي أشترط عليك ألا تتزوج علي امرأةً ما دمتُ في عصمتك:
هذا الشرطُ وإن قال بصحته بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى , إلا أنَّ بطلانهُ بينٌ بنص الوحي المُنزَّل.
فرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول {إن الله قد أحل أشياء فلا تحرموها، وحرم أشياء فلا تحلوها} ونحنُ بهذا الشرط نحلُّ للمرأة تحريم التعدد على الرجل وهذا عينُ المنهي عنهُ في الحديث.
وهو وإن كان مصلحةً نفسيةً قاصرة على قلب المرأة إلا أنهُ على الرجل والمجتمع والأمة شرطُ ضرر والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال {لا ضرر ولا ضرار}
وهو تحريمٌ لما أحل الله , وهو الزواج بثنتين وثلاث وأربع , والتسري بعد ذلك بما يفيء الله ,وهو كذلك ليس في كتاب الله.
أما تحريمه ما أحل الله فدليله عتاب الله نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقوله في سورة التحريم {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ}
وأما أنه ليس في كتاب الله فهو كافٍ لبطلانه لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل} وإذا رجعنا لكتاب الله وجدناهُ يندبُ ويسنُّ ويحض على نكاح ما طاب من النساء مثنى وثلاث ورباع , بل ويندبُ إلى تكثير سواد المسلمين وإعفاف المؤمنات والستر عليهنَّ , وهذا كلهُ ما تريد الزوجةُ الغيورةُ تعطيلهُ لأجل مصلحتها الشخصية , ولئلاّ تجد لألم الغيرة أثراً في نفسها.
أضف إلى ذلك أن من يلتزمُ هذا الشرطِ قد يتعرضُ للفتنة في فترات نفاس المرأة وحيضها واعتلال صحتها وسفرها , ولربما أطلق بصرهُ ولسانه وجوالهُ لأجل تحصيل ما فات من زوجته التي حصرته في هذا الشرط الباطل , ولا يؤمَنُ عليه الزنى , أجارنا الله بمنه.
ولا وجه للاستدلال بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج} لمن يرى نفاذ هذا الشرط ووجوب التزامه , لأنَّ هذا مرادٌ به ما لا يخالفُ الكتاب والشريعة , كاشتراط إفرادها بالمسكن , أو عدم انتقالها من بلد أهلها , أو عدم تركها لوظيفتها , فهذا هو الذي يحرمُ نقضه وترك الوفاء به , وإن حصل ذلك بانت منه زوجته , أما الشروط الباطلة فيصح العقد وتسقط هي ولا يجب الوفاء بها.
والله أعلم
ـ[طارق علي محمد]ــــــــ[14 - 03 - 09, 01:25 م]ـ
كيف يكون اشتراط المرأة لهذا الشرط تحريما لما احله الله .. وما احله الله من الزاوج بثانية وثالثة ورابعة هو في اطار المباح وللذكر المسلم حرية الامتناع عن هذا المباح لاي مصلحة تظهر له او لمن ينشئ هذا العقد معه وهو الزوجة .. ثم كيف يكون مخالفا لما في كتاب الله وقد طفحت كتب العلماء بشرط [لا سابقة ولا لاحقة]
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[14 - 03 - 09, 05:21 م]ـ
كما يكونُ الامتناعُ عن العسل الذي هو مباحٌ تحريما لما أحل الله.
ـ[أيمن بن خالد]ــــــــ[18 - 03 - 09, 10:28 م]ـ
كما يكونُ الامتناعُ عن العسل الذي هو مباحٌ تحريما لما أحل الله.
شيخنا أبا زيد، وفقكم الله
أليس الإمتناع عن المباح في حال تحقق ضرره مندوب (ابتسامة)
¥