فهو وفى بالشرط لأنه شرط وافق عليه وليس لأن الشرط خاص في المنع من التزوج بأخرى؟
معلومٌ أنَّ الأصلَ في الشروط الحلُّ , وأنَّ شروط النكاح من ىكد ما جاءت شريعتنا بصيانتها ووجوب التزام الوفاء بها قال الله (وأخذن منكم ميثاقا غليظاً) ويقول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (المسلمون على شروطهم)
لكنَّ هذه النصوص لا تنزلُ إلا على الشروط المباحة التي تتحققُ بها لأحد الطرفين أو لهما معاً مصلحةٌ في دينه أو دنياه , كاشتراط الزوج عدم السفر للخارج أو عدم معصية الله ليلة زفافه أو تشترطُ الزوجة استمرارها في الوظيفة أو إفرادها بالسكن أو عدم مفارقة مدينة أهلها إلى غير ذلك مما لا ينتهي من الشروط المباحة.
أمَّا إذا خالف الشرطُ أصلاً شرعياً فهو على أقسام:
قسمٌ يبطل به العقد ويفسد النكاح ولو اكتملت أركانه , كالتأقيت بالأسبوع والشهر والسنة وغيرها.
وكاشتراط التبادل في الأخوات أو البنات أو الأمهات , فيزوجه أمه بأمه أو أخته بأخته أو بنته ببنته.
وقسمٌ لا يبطل به النكاحُ ولكنه فاسدٌ لا اعتبار له مع صحة النكاح ومُضِيِّه , كأن تشترطَ السفر لبلاد الكفر أو إحضار المطربات أو دخوله على النساء أو دخولها هي على الرجال , أو يشترطُ الزوجُ عدم الإنفاق والكسوة والسكن , فهذا الشرطُ باطلٌ وعقدُ النكاح صحيح , لأنهُ شرطٌ ليس في كتاب الله.
وبذلك يستبينُ أنَّ الموافقةَ على الباطل لا تجعلُهُ حلالاً , ولذلك نجد الشريعة الإسلاميةَ تجعلُ التوافقَ بين الناس مرجعاً في الأمور التي لا ضرر فيها ولا ضرار على الطرفين , وتمنعُ اعتبار التوافق في كثير من الأمور وإن رضي طرفا الشرط بما بينهما , كالربا فهو محرمٌ وإن رضي الطرفان , وكشروط البيع التي تخالف الأصول , ويقاسُ عليه كل شرطٍ خالفَ أصلاً شرعياً من كتاب أو سنة.
ونحنُ إذا عرضنا هذا الشرط على كتاب الله , وجدنا كتاب الله يندبُ إلى التعدد وتكثير الأمة وإعفاف المؤمنات , وهذا الشرطُ بيلغي كل ذلك ويعارضُ قصداً من مقاصد التشريع وهو كثرةُ سواد الأمة وإعفاف المؤمنات.
وعندي سؤال أخر - وعذراً على كثرة الأسئلة -:
هل أثر الشرط على المشترط عليه معتبر في إطلاق الحكم على الشرط ابتداءً؟
على سبيل المثال قد تشترط المرأة ما هو مباحاً في أصله مثل الإقامة في بلد أهلها ثم يطرأ طارئ يجبر الرجل على الخروج من البلد، كحرب أو مجاعة أو عدم استطاعة العمل، بحيث يترتب على مقامه ضرر كبير. فعند هذه الحال يكون خروجه من البلد واجباً في حقه لحفظ نفسه.
فهل يقال أنّ عدم الإيفاء بالشرط يعفي الرجل من تبعاته لوجود الضرورة، بينما لو خرج من البلد بلا ضرورة فهو ملزم بتبعات عدم الوفاء بالشرط؟
بل ألا يعتبر أن الرجل تنازل عن حق شرعي له بإختياره؟
الجوابُ: نعم , لأنَّ الشروط وضعت لتحقيق المصالح ودرء المفاسد , ومتى كان الشرطُ مخالفاً لذلك فالحكم عليه يكونُ باعتبار ضرره على المشترط عليه ونص الشارع على إهماله , وجوابُ هذا السؤال متضمنٌ في كلامي أعلاه.
أمَّا مثالك الذي تفضلت به , فهو بعيدٌ عما نحنُ بصدده , لأنَّ مثالك الذي ذكرتَهُ تتعارضُ فيه مفسدتان , وهما الوفاءُ بالشرط مع الهلاك بالجرب أو الجوع , وتركُ التزام الشرط مع النجاة بالنفس واستدامة الحياة.
والفقهُ في هذه الحالة هو دفعُ أشد الضررين وعظمى المفسدتين وهي (الموتُ) بارتكاب أدناهما وهو الوفاء بالشرط.
بل إنَّ الوفاء بالشرط في هذه الحالة قد يكونُ حراماً يأثمُ به الزوجُ إذا كان الموتُ متحققاً , ألا ترى أنَّ من خشي الموت جوعاً ووجدَ طعاماً عند مسلم وسألهُ الطعامَ فأبى أن يطعمهُ , أنهُ يحل له أخذ الطعام بالعنوة وإنقاذ نفسه من الموت , دون التفات لرضى صاحب الطعام أو عدمه.؟
فهمت من كلامكم هنا ما فهمته من قبل وهو أن الأمر مقيد في حال كان الزواج واجباً في حقه.
كلاَّ , وقد رددتُ هذا الكلام في أول الصفحة.
¥