روى البغدادي في الفقيه والمتفقّه 1/ 123 عن مالك قال: كل حديث جاءك عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغْكَ أن أحدًا من أصحابه فعله فدعه.
واعجب منه: أن الإمام مالك لا يرى صيام ستة أيام من شوال, ويرى عدم الإعتكاف فى العشر الأواخر لأنه لم يرى أحدا من الصحابة يفعله.؟؟؟؟
ـ[صالح بن حسن]ــــــــ[04 - 12 - 10, 07:39 ص]ـ
بداية جزاكم الله خيرا على انشغالكم بأمر الدعوة في زمان قل فيه المعتني بمثل ذلك فسددكم الله ورزقنا وإياكم الإخلاص وحسن المتابعة.
وثانيا أود أن أطرح معكم بعض الأمور المتعلقة بمسألة الردود والاختلافات:
أصل هذا الخلط والخبط بين المسلمين –أو من يسمون بالملتزمين- هو أن من تجددت له توبة بصلاة بعد انقطاع أو بترك كبيرة ونحو ذلك يتجه بكليته نحو الأحكام الشرعية يتعرف على جملة هائلة من الأحكام هذا حرام وهذا بدعة وهذا يقول فيه فلان كذا وهذا ألف رسالة في الرد على هذا ....
وديننا متين وينبغي الإيغال فيه برفق، وعلم الخلاف علم فحول العلماء، فيضيع المسكين ويتعب نفسه ويتعب من حوله ....
والذي كان ينبغي عليه أن ينقلب أول ما ينقلب إلى علوم التزكية والأدب فإن سيدنا إبراهيم دعا قائلا: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ.). [لبقرة:164] فأجابه الله: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). [الجمعة:2] فجعل التزكية قبل التعلم.
ثم إن أمر النظر في الأحكام الشرعية ودراستها لا يصلح لكل أحد ولا يجب على كل أحد، بل أهله الذين يصلحون له أندر من الغراب الأعصم.
إنما الذي يجب على كل أحد أن يلتزم بأحكام الله الشرعية فلا يواقع الحرام ولا يفوت الواجب وهنا موضع الزلل، وهو كيف يعرف المسلم الأحكام الشرعية ليعمل بها:
والسؤال: هل يتساوى الناس في حاصة البصر فيبصرون جميعا القريب والبعيد والصغير والكبير ويتساوى بصرهم حال الصحو والغيم النهار والليل؟
أبدا لا يكون هذا
وكذلك في البصر بالأحكام الشرعية هناك العالم المجتهد ذو البصر النافذ الذي قل ما يفوته-ولا بد أن يفوته مسائل- وهناك العالم الذي هو دونه ويفوته أكثر منه، وهناك الطالب الذي يبني ملكة الفقه بالتعلم على يد العلماء، وهناك العامي الذي يعرف من الأحكام المجمع عليه وما نقله الكافة عن الكافة.
فلو علم كل مسلم أين هو على سلم البصر ولزم درجته فوالله ثم والله ذهبت الفتنة وقل الخلاف ولم يتكلم أحد فيما لا يحسنه.
فمن طلب العلم فرق بين ما درسه وعلم مذاهبه فهو فيه متبع للدليل وبين ما لم يكتمل بصره فيه فهو فيه متبع لعالم يثق في دينه وعلمه،
والعامي أبدا لا ينفك عن اتباع ما ذهب إليه من يثق في دينه وعلمه،
وعليه فليس له أن يحكم على أحد بسنة ولا ببدعة ولا بصواب ولا بخطأ.
وعلى كل متكلم في مسألة أن يعرف حاله فيها وحال من يكلمه فإذا ادعى أنه في هذه المسألة أعمل بقول فلان فليس له أن يحكم على نفسه أو على غيره بل يكل العلم لله، وإن ادعى أنه يعمل فيها بمقتضى الدليل فعليه أن يذكر دليله ويرد دليل المخالف ولا يكفيه أبدا أن يقول يكفيني أن فلانا يقول بهذا وهو من هو، أوهو أعلم من غيره، والعالم فلان ومن سواه لا يعلم مثل علمه.
وكذلك الحال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلزم كل درجته:
فالعامي إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر أمر بالصلاة والصيام إجمالا ونهى عن الخمر والزنا ويكون بذلك قد قام بما عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها).
وطالب العلم إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر أمر بمراعاة أحكام سجود السهو مثلا وبترك التدخين مثلا وغيرها من المسائل التي ربما بها تفاصيل أو عرض دليل.
والعالم ربما كان جل علمه في مسائل العبادات وتفاصيلها فأمر ونهى فيها، وربما لم يكن له عناية بأمور المعاملات خاصة المحدث منها فلم يتكلم فيها وأحال على غيره وهكذا.
¥