تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأما أهل الأحوال منهم فهم قوم اقترنت بهم الشياطين كما يقترنون بإخوانهم، فإذا حضروا سماع المكاء والتصدية أخذهم الحال فيزبدون ويرغون كما يفعله المصروع ويتكلمون بكلام لا يفهمونه هم ولا الحاضرون، وهى شياطينهم تتكلم على السنتهم عند غيبة عقولهم، كما يتكلم الجنى على لسان المصروع، ولهم مشابهون فى الهند من عباد الاصنام، ومشابهون بالمغرب يسمى أحدهم المصلى، وهؤلا الذين فى المغرب من جنس الزط الذين لا خلاق لهم، فإذا كان لبعض الناس مصروع أو نحوه أعطاهم شيئا فيجيئون ويضربون لهم بالدف والملاهى ويحرقون ويوقدون نارا عظيمة مؤججة، ويضعون فيها الحديد العظيم حتى يبقى أعظم من الجمر، وينصبون رماحا فيها أسنة، ثم يصعد أحدهم يقعد فوق أسنة الرماح قدام الناس، ويأخذ ذلك الحديد المحمي ويمره على يديه، وأنواع ذلك، ويرى الناس حجارة يرمى بها ولا يرون من رمى بها، وذلك من شياطينهم الذين يصعدون بهم فوق الرمح، وهم الذين يباشرون النار، وأولئك قد لا يشعرون بذلك كالمصروع الذى يضرب ضربا وجيعا وهو لا يحس بذلك، لأن الضرب يقع على الجنى، فكذا حال أهل الأحوال الشيطانية، ولهذا كلما كان الرجل أشبه بالجن والشياطين كان حاله أقوى، ولا يأتيهم الحال إلا عند مؤذن الشيطان وقرآنه (يعني عند الغناء والرقص) فمؤذنه المزمار وقرآنه الغناء، ولا يأتيهم الحال عند الصلاة والذكر والدعاء والقراءة، فلا لهذه الأحوال فائدة فى الدين ولا فى الدنيا، ولو كانت أحوالهم من جنس عباد الله الصالحين وأولياء الله المتقين لكانت تحصل عند ما أمر الله به من العبادات الدينية، ولكان فيها فائدة فى الدين والدنيا لتكثير الطعام والشراب عند الفاقات، واستنزال المطر عند الحاجات، والنصر على الأعداء عند المخافات، وهؤلاء أهل الأحوال الشيطانية فى التلبيس يمحقون البركات، ويقوون المخافات، ويأكلون أموال الناس بالباطل، ولا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر، ولا يجاهدون فى سبيل الله؛ بل هم مع من أعطاهم أطعمهم وعظمهم وإن كان تتريا؛ بل يرجحون التتر على المسلمين، ويكونون من أعوانهم ونصرائهم الملاعين، وفيهم من يستعين على الحال بأنواع من السحر والشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله .. وأما أهل المحال منهم فهم يصنعون أدوية كحجر الطلق ودهن الضفادع وقشور النارنج ونحو ذلك، ويمشون بها على النار، ويمسكون نوعا من الحيات يأخذونها بصنعة، ويقدمون على أكلها بفجور، وما يصنعونه من السكر واللاذن وماء الورد وماء الزعفران والدم فكل ذلك حيل وشعوذة يعرفها الخبير بهذه الأمور، ومنهم من تأتيه الشياطين، وذلك هم أهل المحال الشيطانى ... انتهى كلامه.

** ولا يخفى عليك أنه قد روي من طرق متعددة أن الوليد ابن عقبة كان عنده ساحر يلعب بين يديه فكان يضرب رأس الرجل ثم يصيح به فيرد إليه رأسه، فقال الناس: سبحان الله يحيي الموتى!! ورآه رجل من صالحي المهاجرين، وهو جندب بن كعب رضي الله عنه، فلما كان الغد جاء مشتملا على سيفه وذهب الساحر المشعوذ يلعب لعبه ذلك، فاستل جندب سيفه فضرب به عنق الساحر وقال: إن كان صادقا فليحيي نفسه، وتلا قوله تعالى:، (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ) (سورة الأنبياء: الآية 3) فغضب الوليد بن عقبة إذ لم يستأذنه في ذلك، فسجنه ثم أطلقه. [انظر ذلك في: الإصابة لابن حجر (رقم 1229)، التاريخ الكبير للبخاري ج 2ص222 رقم 2268، تاريخ دمشق لابن عساكر ج 11 ص 309 – 316، سير أعلام النبلاء ج 3 ص175 - 177، تاريخ الطبري ج 2 ص610، تهذيب الكمال للمزي ج 5 ص143 – 147، كنز العمال الحديث رقم: 36763 و 37079، تفسير ابن كثير ج1ص145، المعجم الكبير للطبراني ج 2ص 177، مصنف عبد الرزاق ج 10 ص 181].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير