تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبالمناسبة سأذكر في هذا المقام جزءا من بحثي المعنون " مخطوطات فلسطينية نادرة بين النهب والضياع" كنت تكلمت فيه عن هذا الفهرس، وسأذكر هذا المقطع باختصار

كتاب "الفهْرسْت" لمحمد بن إسحاق بن محمد الشهير بالنديم المتوفى سنة 438 هـ، على خلاف في ذلك.

يُعدّ هذا الكتاب أقدم الكتب التي عنيت بفهرسة الكتب العربية والإسلامية ونسبتها لأصحابها، بسبب اتساع دائرة التأليف العربي مطلع القرن الثالث الهجري في شتى العلوم والفنون، وكان لا بُدّ من تسجيل هذا التراث وتصنيفه على أبواب العلوم وأسماء الكتب.

واعتبر العلماءُ النديمَ رائد هذا الفنّ، ولعلّ اشتغاله بصناعة الوراقة ونسخ الكتب وبيعها أظهره على أسماء كتب كثيرة، ومكّنه من معرفة طرائق تأليفها، مما أعانه على تأليف كتابه العظيم "الفهرست".

تبوّأ هذا الكتاب، لأهميته ونفاسته، منزلة عظيمة بين المشتغلين بالتراث، فكان من أوائل الكتب التي اهتموا بتحقيقها ونشرها، فطبع أول ما طبع في مدينة "لايبسك" بألمانيا عام 1870م، بتحقيق المستشرق الألماني غوسطاف فلوغل، لكن أعجلته المنية قبل إتمامه، فأتمه المستشرقان هرمان روديجر وأوغست ملّر، وتتابع العلماء بعد ذلك على تحقيقه ونشره، لكنه لم يزل بحاجة إلى إعادة تحقيق علمي يليق بنفاسته وأهميته.

انتشرت نسخ هذا الكتاب بين مكتبات العالم، إلا أن إحدى نسخ هذا المخطوط النفيس كانت موجودة في فلسطين، وتحتفظ بها أرفف (المكتبة الأحمديّة) الموجودة في (المدرسية الأحمدية) التي أنشأها وأوقفها والي عكّا أحمد باشا الجزّار عام 1781م.

هذه المكتبة العريقة كان لها في ماضي الأيام شأن مذكور، وكانت تحتوي،كما يذكر المؤرخون، على مخطوطات نفيسة وكتبٍ قيمة، عزّ وجود نظيرٍ لها في باقي المكتبات الأخرى، إلا أنها تشتت شملها وتفرقت كتبها، ولم يسلم منها إلا 86 مخطوطًا فقط.

نسخة "الفهرست" هذه هي أقدم النسخ الخطية لهذا الكتاب في العالم، كتبت في القرن الخامس الهجري، وهي منقولة عن نسخة المؤلف، كانت في الأصل موجودة في مصر، في القرن التاسع الهجري، طالعها مؤرخ مصر الشهير تقي الدين أحمد بن علي المقريزي ت 845هـ، وذلك عام 813هـ، وسجّل عليها بخطه ترجمة موجزة للنديم، جاء في آخرها" وتوفي يوم الأربعاء لعشرٍ بقين من شعبان عام ثمانين وثلاث مئة ببغداد، وقد اتهم بالتشيع عفا الله عنه".

لكنه لم يُقَدّر لهذه النسخة النفيسة البقاء، فامتدّت إليها يد العابثين، وطالتها، كما طالت غيرها، سطوة التغريب، فانتقلت من مخدعها الآمن في مكتبة عكّا، لتستقرّ الآن بعد انقسامها قسمين في مكتبتيْن:

الأولى: مكتبة "شسْترْبِتي" بِدُبْلن بإيرلندا، وتحمل رقم 3315.

وهذه المكتبة من أنفس المكتبات في أوروبا، ومؤسسها هو السر أ. جستر بيتي الذي أخذ على عاتقه جمع المخطوطات العربية والإسلامية من مكتبات المشرقيين وبخاصة مصر وبلاد الشام، وتغريبها وترحيلها إلى أوروبا.

ونجح نجاحًا كبيرًا في اقتناء ذخائر ونوادر عز وجود نظيرٍ لها في العالم، ويفيد الأستاذ كوركيس عوّاد ت 1992م،عضو المجمع العلمي العراقي ومدير مكتبة المتحف الوطني العراقي السابق، في بحثه "ذخائر التراث العربي في مكتبة جستر بيتي – دُبلن" المنشور في مجلة المورد العراقية عام 1971م، أن جستر بيتي وضع نُصْب عيْنيْه حين اقتنى تلك المجموعة الخطية المهمة، أن يكون كلّ مخطوط منها ذا منزلة مرموقة في عالم المخطوطات، فهدَته بصيرته وخبرته في هذا الميدان أن يستجمع من المخطوطات الأعلاق النفيسة التي تمتاز بصفات علمية وفنية وأثرية عالية، كأن يكون بعضها فريدًا أو نادر الوجود، أو قديم الخطّ، أو أن يكون مكتوبًا بخطوط مؤلفيه، أو أن يتناول موضوعات ذات بالٍ في سائر فروع المعرفة التي انتهى إليها البشر في أثناء الأزمنة التي صُنّفت فيها تلك الكتب، هذا إلى ما تتحلى به من فنٍّ رفيعٍ في الخط والتزويق والزخرفة والتلوين والتجليد، فضلاً عن الورق المتفاوت الجوْدة الذي كُتب عليه، والحبْر المتنوّع الصُّنْع المتخذ في الكتابة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير