تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والصابرين ونبلوا أخباركم) محمد31،وقال سبحانه (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) الأنبياء35،وقال سبحانه (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) الأعراف168.

فالاختبار لا بد منه فالرسل وهم خير الناس امتحنوا بأعداء الله. نوح ما جرى عليه من قومه وهكذا هود وصالح وغيرهم وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المتقين وأفضل المجاهدين ورسول رب العالمين.

قد علم ما أصابه بمكة وفي المدينة وفي الحروب ولكنه صبر صبراً عظيماً حتى أظهره الله على أعدائه وخصومه ثم ختم له سبحانه وتعالى بأن فتح عليه مكة ودخل الناس في دين الله أفواجاً فلما أتم الله النعمة عليه وعلى أمته وأكمل لهم الدين اتاره إلى الرفيق الأعلى وإلى جواره عليه الصلاة والسلام بعد المحنة العظيمة والصبر العظيم والبلاء الشديد فكيف يطمع أحد بعد ذلك أن يسلم أو يقول متى كنت متقياً أو مؤمناً فلا يصيبني شيء ليس الأمر كذلك بل لا بد من الامتحان ومن صبر حمد العاقبة كما قال الله جل وعلا (فاصبر إن العاقبة للمتقين) هود49، (والعاقبة للتقوى) طه132،فالعاقبة الحميدة لأهل التقوى متى صبروا واحتسبوا وأخلصوا لله وجاهدوا أعداءه وجاهدوا هذه النفوس فالعاقبة لهم في الدنيا والآخرة كما قال عز وجل (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) العنكبوت69.

فأنت يا عبد الله في أشد الحاجة إلى تقوى ربك ولزومها والاستقامة عليها ولو جرى من الامتحان ولو أصابك ما أصابك من الأذى أو الاستهزاء من أعداء الله أو من الفسقة والمجرمين فلا تبالي واذكر الرسل عليهم الصلاة والسلام واذكر أتباعهم بإحسان فقد أوذوا واستهزئ بهم وسخر بهم ولكنهم صبروا فكانت لهم العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة.

فأنت يا أخي كذلك اصبر وصابر فإن قلت ما هي التقوى؟

فقد سبق لك شيء من بيانها وقد تنوعت عبارات العلماء في التقوى وروي عن عمر بن عبدالعزيز أمير المؤمنين رضي الله عنه ورحمه الله أنه قال (ليس تقوى الله بقيام الليل وصيام النهار والتخليط فيما بين ذلك ولكن التقوى أداء فرائض الله وترك محارمه فمن رزق بعد ذلك خيراً فهو خير إلى خير) فمن رزق بعد أداء الفرائض وترك المحارم نشاطاً في فعل النوافل وترك المكروهات والمشتبهات فهو خير إلى خير.

وقال طلق بن حبيب التابعي المشهور رحمه الله (تقوى الله أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تدع معاصي الله على نور من الله تخاف عقاب الله) وقال بعضهم في تفسيرها التقوى طاعة الله ورسوله، وقال آخرون: التقوى: أن تجعل بينك وبين غضب الله وعقابه وقاية تقيك ذلك بفعل الأوامر وترك النواهي وكل هذه العبارات معانيها صحيحة.

فالتقوى حقيقتها هي: دين الإسلام، وهي: الإيمان والعمل الصالح، وهي العلم النافع والعمل به، وهي: الصراط المستقيم، وهي الاستسلام لله والانقياد له جل وعلا بفعل الأوامر وترك النواهي عن إخلاص كامل له سبحانه وعن إيمانه به ورسله وعن إيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله إيماناً صادقاً يثمر أداء الخير والحذر من الشر والوقوف عند الحدود وإنما سمى الله دينه تقوى لأنه يقي من استقام عليه عذاب الله وغضبه ويحسن لربه العاقبة جل وعلا وسمى هذا الدين إسلاماً لأن المسلم يسلم نفسه لله وينقاد لأمره يقال أسلم فلان لفلان أي انقاد له ولهذا سمى الله دينه إسلاماً في قوله (إن الدين عند الله الإسلام) آل عمران19،وغيرها كم الآيات لأن المسلم انقاد لأمر الله وذل لعظمته فالمسلم حقاً ينقاد لأمر الله ويبتعد عن نهيه ويقف عند حدوده قد أعطى القيادة لربه فهو عبد مأمور رضاه وأنسه ومحبته ونعيمه في امتثال أمر الله وترك نهيه هذا هو المسلم الحق.

ولهذا قيل له مسلم يعني منقاداً لأمر الله تاركاً لمحارمه واقفاً عند حدوده يعلم نه عبد مأمور عليه الامتثال ولهذا سمي الدين عبادة كما سمي إسلاماً سمي عبادة كما في قوله سبحانه وتعالى (يآ أيها الناس اعبدوا ربكم) البقرة21،وفي قوله عز وجل (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذريات56،فسمى عبادة لأن العباد يؤدون أوامر الله ويتركون نواهيه عن ذل وخضوع وانكسار وعن اعتراف بالعبودية وأنهم مماليك لله وأنه سيدهم وأنه القاهر فوقهم وأنه العالم بأحوالهم وأنه المدبر لشؤنهم فهم عبيد مأمورون ذليلون منقادون لأمره سبحانه وتعالى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير