[الرسالة الذهبية في الطب]
ـ[إبراهيم اليحيى]ــــــــ[14 - 03 - 10, 08:41 ص]ـ
(الرسالة الشريفة الذهبية
في صحة المزاج وتدبيره
بالأغذية والأشربة والأدوية)
للإمام الرضا علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق رحم الله الجميع (ت203هـ)
الحمد لله الذي أنزل لكل داء دواء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فلا يخفى على الجميع أن تراثنا المخطوط العربي والإسلامي متنوع العلوم، ومنه ما يعرف بالتراث العلمي، ويُقصد بالتراث العلمي؛ التراث المتعلق بالعلوم البحتة والتطبيقية كالطب والصيدلة، والفلك والهندسة، والفيزياء والكيمياء، والرياضيات وغيرها.
وعندنا في مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض، خزانة مخطوطات تحوي كافة العلوم، وبين يدي مخطوطة في الطب القديم موسومة بـ (الرسالة الذهبية) أو (رسالة في صحة المزاج وتدبيره بالأغذية والأشربة والأدوية)، وهي منسوبة بحسب المصادر لإمام من أئمة المسلمين من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الملقب بالرضا المكنى بأبي الحسن وهو علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. هذا نسبه الشريف لذا سميت رسالته بالرسالة الشريفة.
ولد الرضا بالمدينة سنة 153هـ، وكان أسود اللون، أمه حبشية، وأحبه المأمون العباسي، فعهد إليه بالخلافة من بعده، وزوجه ابنته، وضرب اسمه على الدينار والدرهم، وغير من أجله الزي العباسي من السواد فجعله أخضر، وكان هذا شعار أهل البيت، فاضطرب العراق، وثار أهل بغداد، فخلعوا المأمون وهو في "طوس" وبايعوا لعمه إبراهيم المهدي، فقصدهم المأمون بجيشه، فاختبأ إبراهيم ثم استسلم وعفا عنه المأمون.
ومات علي الرضا رحمه الله في حياة المأمون بطوس سنة 203هـ، فدفنه إلى جانب أبيه الرشيد، ولم تتم له الخلافة، وعاد المأمون إلى السواد، فاستألف القلوب ورضي عنه الناس. (1)
قيمة الرسالة العلمية والتاريخية (2):
1 ـ أنها ظهرت في عصر المأمون الذي يعتبر العصر الذهبي لما يسمى بعلوم الحكمة والفلسفة حيث بلغت حركة الترجمة أوج نشاطها.
2 ـ أول رسالة في الطب يكتبها عربي مسلم.
3 ـ أنها كتبت بطلب من الخليفة المأمون.
4 ـ أن الرسالة تجمع بين ما أفاده مؤلفها من طب اليونان وما أضافه إليها مما أخذه من علوم أبائه وأجداده. أي الجمع بين الطب اليوناني والطب النبوي.
5 ـ كتبت في موضوع واحد محدد هو حفظ الصحة.
6 ـ اعتراف أهل الفضل والدراية بهذا الفن بأهمية الرسالة وفضل كاتبها.
7 ـ أن المأمون أمر بأن تكتب الرسالة بالذهب وتسمى بالرسالة المذهبة.
قصة تأليف الرسالة (حسب بعض النسخ):
كان المأمون بنيسابور، وفي مجلسه أبو الحسن علي الرضا وجماعة من الفلاسفة والمتطببين، مثل يوحنا بن ماسويه، وجبرائيل بن بختيشوع، وصالح بن بهلمة الهندي، وغيرهم من منتحلي العلوم، وذوي البحث والنظر.
فجرى ذكر الطب، وما فيه صلاح الأجسام وقوامها، فأغرق المأمون ومن كان بحضرته في الكلام، وتغلغوا في علم ذلك، وكيف ركب الله تعالى هذا الجسد، وجمع فيه هذه الأشياء المتضادة من الطبائع الأربع، ومضار الأغذية ومنافعها، وما يلحق الأجسام من مضارها من العلل.
وأبو الحسن ساكت لا يتكلم في شيء من ذلك، فقال له المأمون: ما تقول يا أبا الحسن في هذا الأمر الذي نحن فيه منذ اليوم؟ فقد كبر عليّ، وهو الذي لا بد منه، ومعرفة هذه الأغذية النافع منها والضار، وتدبير الجسد.
فقال له أبو الحسن: عندي من ذلك ما جربته، وعرفت صحته بالاختبار ومرور الأيام، مع ما وقفني عليه من مضى من السلف مما لا يسع الإنسان جهله، ولا يُعذر في تركه. وأنا أجمع ذلك لأمير المؤمنين، مع ما يقاربه مما يحتاج إلى معرفته.
وعاجل المأمون أمر مما استوجب خروجه إلى بلخ، وتخلف عنه أبو الحسن، فكتب المأمون إليه كتاباً يتنجز ما كان ذكره له، مما يحتاج إلى معرفته على ما سمعه وجربه من الأطعمة والأشربة، وأخذ الأدوية، والفصد والحجامة، والسواك، والحمَّام، والنَّوْرَة، والتدبير في ذلك؛ فكتب إليه أبو الحسن كتابه هذا. (2)
الوصف الإكتناهي:
¥