تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[رأيي حول برنامج شاعر المليون]

ـ[فواز السلمي]ــــــــ[12 - 12 - 2007, 05:23 ص]ـ

:::

لا شك أن كل فرد تختلجه آراء وأفكار، تعبر عن ذاته وعن كيانه غير منفصلة عن محيطه الديني والاجتماعي والقومي بل متصلة بها بحبل وثيق.

ولاشك أن لكل فرد الحق في التعبير عن رأيه، انطلاقاً من مبدأ الحرية الفكرية، بشرط ألا تتصادم مع الفطرة الدينية.

تلكم مقدمة سقتُها وأنا أبلور رأياً حول برنامج شاعر المليون، قد يختلف معي جلّ الناس، وقد يوافقني البعض.

ولا ضير في ذلك، ما دفعني لهذا الرأي هو حديث النفس والروح لي وصدقها معي.

* * *

لا أدري أهي انتكاسة للثقافة، أم امتداد لثقافة الانتكاس التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية منذ زمن ليس بالقصير.

مما دعاني لهذا الحديث تلك الهزيمة المرة والقاسية التي مني بها فكر الأمة عموماً والشعر خصوصا، تلك الهزيمة التي قد صورها الإعلام والسواد الأعظم من الناس، على أنها انتصار للشعر والفكر، إلا أنها في حقيقة الأمر هزيمة مرة مريرة.

أوضح للجميع – في البداية – أنني كأي فرد مسلم عربي غيور تهمه مصلحة أمته، والمحافظة على موروثاتها، وقيمها الأصيلة في شتى مجالاتها الإنسانية.

كما أنني لست ضد أي برنامج يرعى المواهب الشعرية ويصقلها وفق أسس فنية إبداعية تعيد لأدبنا العربي توهجه المفقود، وزخمه الذي ظل ملازماَ له لفترة طويلة من الزمن.

ولست ضد برنامج (شاعر المليون) كفكرة برنامج يخدم أدبنا ويسهم في رقيه، لكنني في نفس الوقت ضد أي ابتزاز لأي فن من الفنون الإنسانية وبخاصة الأدب.

فمادية الفن تعني:- استخدام أي فن من الفنون كأداة للكسب المادي دون النظر للمكاسب الفنية للفن نفسه.

وهذا ما واجهه الشعر في حملات مادية مكثفة، وعبر طرق مختلفة كان آخرها برنامج شاعر المليون.

وسأبين عدداً من آرائي حول مادية هذا البرنامج:-

1 - عنوان البرنامج (شاعر المليون)، يبرهن بشكل واضح وفاضح على مادية البرنامج، فربط المادة بالشعر هو أول سقوط للبرنامج، وفي ذلك عقوق للأدب عموماً وللشعر على وجه الخصوص.

2 - كما أن استغلال الجمهور كورقة ربح من خلال التصويت أمر يدعو للأسى، فأصبحت هناك إعلانات تجارية تُعرِّف بالمنتَج أقصد (الشاعر) المشارك.

والأدهى من ذلك إعطاء الجمهور نسبة خمسين بالمائة من نسبة التصويت العام< أي أن القائمين على هذا البرنامج قد تركوا خمسين بالمائة للعصبية القبلية الهوجاء، والخمسين الأخرى لمن يدّعون أنهم حاملو لواء النقد في الأدب، هذا إن كانت هناك معايير نقدية يرتكزون عليها أو يمتلكونها أصلاً >

3 - كما أن الطريقة التسويقية تبرهن على أن القائمين على البرنامج ليسوا خبراء نقد بقدر ما هم خبراء دعاية وتسويق، فقد أصدروا مجلة خاصة بهذا الشركة.، بهدف تحقيق الربحية التجارية فقط.

4 - كما أن تقييم أعضاء هذه اللجنة (الشركة) مبني على أسس ربحية محضة، لا على أسس فنية متعارف عليها، ولعل المتابع يدرك ذلك من خلال عدة جوانب من أهمها:-

?قيام أعضاء اللجنة في إحدى الحلقات النهائية لهذا البرنامج بإعطاء أحد الشعراء درجة متدنية جداَ، مقارنةً مع باقي زملائه الآخرين الذين حصلوا على درجات مرتفعة، رغم أن مستوياتهم تكاد تكون متقاربةً، وفي هذا استدعاء صارخ للقبيلة أو كما يسميها بعض الشعراء أنفسهم (فزعة)، هذه الفزعة التي لا تكون إلا بالمال فقط.

والتي تعود بالربح المادي على البرنامج ومنظميه، والذين لا يهمهم – طبعاً – إن كان هذا الشاعر يستحق الفوز أو لا يستحقه.

?تقسيم الخمسين بالمائة التي هي من نصيب اللجنة - والتي طبقت في الحلقات النهائية من البرنامج – إلى قسمين:-

حاضر، ومؤجل،وكأني بها تقول من سيحقق أرباحاً مادية للبرنامج، ويحظى بزخم إعلامي يفيد البرنامج سيبقى وسيُعطَى ما تبقى من نسبة، وربما سيحظى بمليون فقط، في مقابل الملايين التي جناها البرنامج من وراء هؤلاء.

أعود وأقول إن لجنة التعتيم، وليست لجنة التحكيم تفتقد هي الأخرى لأبسط مقومات النقد، فكان نقدهم سطحيا في بعض الأحيان، وغبياً في أحايين أخرى.

بل واشتمل على ألفاظ تدل على الخواء والضعف النقدي أمام عنفوان بعض القصائد

مثل < ما فيك حيلة > و< فالك المليون > و < بيض الله وجهك >.

والبعض الآخر ظل يمضغ بعض المصطلحات الأدبية - التي قرأها أو سمعها – وأنا أجزم أنه لا يدرك معناها ولا مفهومها.

ليس هذا فحسب، بل يرون أنفسهم من جهابذة النقد، فبعضهم يصرخ في وجه الشعراء طالبين منهم عدم المناقشة، بل الاستماع في النقد الموجه فقط، والبعض الآخر لا يفهم ما ترمي إليه بعض المفردات التي يتغنى بها بعض الشعراء، رغم أنها كلماتٌ واضحة جداً، ومفهومة لدى السواد الأعظم من الجماهير.

كما أن المحسوبيات، والمبالغة في الاحتفاء ببعض الشخصيات، والتصفيق بغير مناسبة كلها عوامل أفقدت البرنامج شفافيته، وصدقه لدى متابعيه.

كل ما ذكرت من عوامل هي (وبال) على الشعر، وصيحة غضب لا استجداء.

مع هذا البرنامج سقط الشعر، وانتصرت القبيلة.

خسرت معايير الأدب والنقد الرصينة، وفازت المحسوبيات والعلاقات الشخصية.

يا من تدّعون حمل لواء الأدب، وأنتم أبعد الناس عنه:-

تنحّوا

وابتعدوا

رحمةً بالأدب

فقد أزهقتم روحه، وأدميتم جروحه، هأنذا أسمع نوحه

تاجروا بأموالكم، بأملاككم، لكن لا تتاجروا بالأدب فهو ليس ملكاَ لكم

لفِظَتكُم المهن والحِرَف، فالتجأتم تحترفون الحرْف بكل وقاحة وخسة.

بعد أن كان أدبنا معززاً مكرماً في منتدى عكاظ قديماً، أهانته ثلة حاقدة على مسرح شاطئ الراحة.

تباً وسحقاً لعصابةٍ تتشدق بخدمتها للأدب، وهي تسيء إليه، بل وتسمي ذلك بحقوق الأدب عليها، وما درت أن ذلك عقوقٌ وفسوقٌ.

اشهد أيها التاريخ أنني براءٌ من فحشهم وفعلهم

وستبقين يا لغتي الحبيبة عزيزةً خفّاقةً إلى يوم الدين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رأي:- فواز بن صالح السلمي

المملكة العربية السعودية

Fawaz_saleh*************

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير