[البارودى .. وكشف الغمة فى مدح سيد الأمة!!]
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[14 - 08 - 2007, 02:21 م]ـ
:::
:) البارودى .. وكشف الغمة فى مدح سيد الأمة!!
اجتمعت في يد هذا الشاعر السلطة والجاه والمال والشهرة، وهي كلها أشياء لا يثبت أمام إغرائها إلا التدين والفضيلة ولذلك اعتصم من كل هذه الإغراءات بما في قلبه من مبادئ إسلامية فيها القيم العالية والأخلاق الرفيعة.
:)
إنه الشاعر المقاتل محمود سامي البارودي أحد أبطال الثورة العرابية في مصر وبسببها نفي خارج وطنه (إلى جزيرة سيلان سريلانكا اليوم) لمدة ثمانية عشر عاما ولم يعد إلى القاهرة إلا عام 1900 عندما صدر العفو عن زعماء الثورة العرابية المنفيين.
ولد محمود سامي البارودي عام (1839م) وكانت حياته حافلة بالأحداث شأنها في ذلك شأن تلك الفترة الصاخبة من تاريخ مصر وقد ولد لأبوين من الجراكسة، أما لقب البارودي فهو نسبة إلى مدينة إيتاي البارود في محافظة البحيرة التي كان أحد أجداده ملتزما لها.
وتوفي أبوه وهو في السابعة فكفله بعض أهله وتعهدوه بالرعاية وقد تخرج في المدرسة الحربية وهو في السادسة عشرة من عمره ولكن الجيش “سرح” في عهد سعيد باشا والي مصر آنذاك فتعرض لأول محنة يواجهها في حياته، فدفعته هذه المحنة إلى العودة إلى تراث العرب الشعري والأدبي فعاش معهم وشاركهم معاركهم التي أغنته في صباه عن معارك الحاضر الغائبة وشاركهم كذلك كل شيء في تلك الحياة جدها وهزلها، حلوها ومرها ففيه الغزل والوصف والحكمة وفيه كل ما يراه الطامح الشاب جديرا بحياة الشاعر الحقة.
بعد ذلك التحق البارودي بوزارة الخارجية وتعلم اللغتين التركية والفارسية وقضى فترة في الاستانة “استنبول” ثم عاد إلى مصر في عهد إسماعيل باشا وكان في الرابعة والعشرين من عمره، وقد عقد العزم على أن يشارك في النهضة التي حمل لواءها إسماعيل باشا فزاول عمله في الجيش وترقى في مراتبه، ثم سافر في بعثة إلى فرنسا وإنجلترا ثم عاد إلى مصر وبدأ يشارك في حملات الجيش المصري العسكرية التي كانت تحارب روسيا.
رغم مشاغله العديدة واهتماماته الكثيرة كان الشعر همّ البارودي الأول، فذاع صيته وأحبه القراء وكان كما يقول الدكتور محمد حسين هيكل في مقدمة ديوانه يهتم بالمرئي أي ما يسميه “المنظور” من الأشياء خصوصا عندما يبتعد عن المحاكاة ويختط لنفسه طريقا خاصا، فبرع في تصوير أحداث الحياة من حوله وهي حياة قلقة مضطربة فعاش فترة ذاق فيها حلاوة اللهو في الشباب وأكثر من قول الشعر في ذلك وإن كان لا يعدو أن يكون تمهيدا لقوله في الأغراض الأخرى التي بهرته في شعر القدماء.
المجدد
حول مكانة البارودي الأدبية وملكته الشعرية يقول الدكتور محمد مصطفى سلام أستاذ الأدب والنقد: كان للبارودي الفضل في إحياء الشعر وتجديده، فقد كان الشعر في عهده صورة مشوهة من آثار القرون الأخيرة المظلمة، نظم مرتبك وتكلف باد، وصناعة فاشية ومعنى سقيم، فجلاه في خاطره وصقله على لسانه، فجاء حلو اللفظ نقي العبارة.
وقد نقض البارودي شعر ابن المعتز، وأبي فراس وغيرهما، وعاد به إلى المنابع الأولى فاستخرج من مجموع تلك الأساليب أسلوبه الرائق الفخم، لذلك تحس وأنت تقرأ قصيدة من نظمه أن أرواح أولئك الفحول تحوم حول روحه وتحلق فوق أبياته.
وعن الإسلامية في شعر البارودي يقول الشاعر والأديب صلاح الدين السباعي: معظم إنتاج البارودي تتفجر منه قيم الحق والفضيلة، فهو أولاً يعبر عن اعتزازه بقيمه وأصالته فيقول:
إذا أنا لم أعط المكارم حقها
فلا عزني خال ولا ضمني أب
وهو شجاع في إبداء رأيه وفي مناهضة الباطل .. يقول:
أنا لا أقر على القبيح مهابة
إن القرار على القبيح نفاق
وهو مؤمن بالقدر فيرى أن الإنسان لا يملك أمام قضاء الله إلا التسليم فهو يقول في رثائه لزوجته:
لو كان هذا الدهر يقبل فدية
بالنفس عنك لكنت أول فاد
لكنها الأقدار ليس بناجع
فيها سوى التسليم والاخلاد
وهو يرى أن شقاء الإنسان في حياته ليس إلا نتيجة لسوء أفعاله فيقول:
إذا ساء صنع المرء ساءت حياته
فما لصروف الدهر يوسعها سبا
وهو يقدم دينه على وطنه عندما يبدي تعجبه واستنكاره لنفيه فيقول:
فهل دفاعي عن ديني وعن وطني
ذنب أدان به ظلما وأغترب
¥