تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- فآمنت به خديجة، وصدقت بما جاءه من الله، ووازرته على أمره، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله، وصدق بما جاء منه، فخفف الله بذلك عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له، فيحزنه ذلك، الا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها، تثبته وتخفف عليه وتصدقه، وتهون عليه أمر الناس، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب -اللؤلؤ المنحوت-، لا صخب فيه ولا نصب)

فضل خديجة

جاء جبريل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إن الله يقرأ على خديجة السلام) فقالت: (إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك السلام ورحمة الله)

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خيرُ نسائها مريم، وخير نسائها خديجة)

عام المقاطعة

ولمّا قُضيَ على بني هاشم وبني عبد المطلب عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة الى شعابها، لم تتردد السيدة خديجة في الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها وعلى الرغم من تقدمها بالسن، فقد نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنها عاد إليها صباها، وأقامت قي الشعاب ثلاث سنين، وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى

عام الحزن

وفي العام العاشر من البعثة النبوية وقبل الهجرة بثلاث سنين توفيت السيدة خديجة -رضي الله عنها-، التي كانت للرسول -صلى الله عليه وسلم- وزير صدق على الإسلام، يشكو إليها، وفي نفس العام توفي عم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبو طالب، لهذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يسمي هذا العام بعام الحزن

الوفاء

قد أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السيدة خديجة ما لم يثن على غيرها، فتقول السيدة عائشة: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة، فقلت: (هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها) فغضب ثم قال: (لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء) قالت عائشة: (فقلتْ في نفسي: لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبداً)

ولدت خديجة فكانت صورة عن والدتها فاطمة. فقد ورثت منها الجمال الرائع، كما ورثت

عن والدها خويلد الحزم والذكاء، وعن إبن عمها ورقة بن نوفل العلم والحكمة. ونوفل هو أحد أربع رجال خاصموا قريش في عبادتها للأصنام ولما لم تستجب لهم اعتزلوهم.

لقد عرفت خديجة في قبيلتها بأنها الطاهرة. وبعد أن تزوجت رجلين وتوفيا، كانت ترد الخطاب بأدب متذكرة رؤيا عظيمة مع تفسيرها سنذكرها لاحقا. وقد ورثت عن زوجها الأول مالا وفيرا، وأصبح لديها هند وهالة. أما من زوجها الثاني فقد ورثت مالا وفيرا أيضا، لكنها لم تنجب منه أولاد.

وقد سمعت سيدتنا خديجة برسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان صيته بين الناس الأمين. يقدرون صفاته، وأخلاقه، ويحترمون أمانته وورعه، ويثقون بحكمته.

في يوم من الأيام، أرسلت سيدتنا خديجة إبن عمها خزيمة الى أبي طالب. وعرضت عليه عرضا سخيا مقابل أن يتولى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أمر تجارتها وقوافلها المحملة بمختلف البضائع.

وذهب ميسرة غلام سيدتنا خديجة مع الرسول الكريم في التجارة. وقد ألقى الله عز وجل على ميسرة محبة للرسول الكريم. فترى ميسرة في الرحلة شديد الإهتمام والمراعاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولقد رأى ميسرة من أمر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام شخصية خارقة، خلق كريم، كلمة متزنة، مشية كلها الوقار، حديث كله عذوبة، أمانة ما بعدها أمانة، صدق بالغ، حِنكة ودراية يعجز عنها كبار التجار.

وكذلك رأى ما لا يمكن أن يستهان به. رأى ملكين يظلانه من الشمس وهو على بعيره. ورأى غمامة تتبعه في تنقلاته وتحركاته لتحميه من الحر الشديد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير