العام مرتين، ولا أراني إلا قد حضر أجلي، وإنك أول أهلي لحوقاً بي، ونعم السلف أنا لك، فبكيت لذلك، ثم إنه سارّني، فقال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة، فضحكت لذلك. رواه البخاري ومسلم.
وكان عليه الصلاة والسلام يقوم لها وتقوم له، ويُقبّلها وتُقبّله رضي الله عنها.
زواجها:
تزوجها الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ذي القعدة أو قُبيله من سنة اثنتين بعد وقعة بدر (قاله الذهبي).
وقال ابن عبد البر: دخل بها بعد وقعة أُحد، فولدت له الحسن والحسين ومحسنا وأم كلثوم وزينب.
صداقها:
أصدق عليّ رضي الله عنه فاطمة درعه الحُطمية.
فأي خير بعد ذلك في التفاخر بكثرة الصداق؟
وأي خير في غلاء المهور؟
وهل نساء الدنيا أجمع خير أم فاطمة؟
خدمتها في بيت زوجها:
كانت فاطمة رضي الله عنها تعمل في بيت زوجها، حتى أصابها من ذلك مشقّة.
قال عليّ رضي الله عنه: شَكَتْ فاطمة رضي الله عنها ما تلقى من أثر الرّحى، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم سبي، فانطلقت فلم تجده، فوجدت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت لأقوم، فقال: على مكانكما، فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، وقال: ألا أدلكما على خير مما سألتماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما تكبران أربعا وثلاثين، وتسبحان ثلاثا وثلاثين، وتحمدان ثلاثا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم. رواه البخاري ومسلم.
فإذا كان هذا هو حال سيدة نساء العالمين، فما في حياة الترف خير.
حياؤها رضي الله عنها:
قالت فاطمة رضي الله عنها لأسماء بنت عميس رضي الله عنها: إني أستقبح ما يصنع بالنساء، يُطرح على المرأة الثوب فيصفها. قالت: يا ابنة رسول الله ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة؟ فَدَعَتْ بجرائد رطبة، فَحَنَتْها، ثم طرحت عليها ثوباً. فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله، إذا متّ فغسليني أنت وعلي، ولا يدخلن أحد عليّ.
قال ابن عبد البر: هي أول من غُطي نعشها في الإسلام على تلك الصفة.
أولادها رضي الله عنها:
تقدّم ما لها من أبناء في ترجمة عليّ رضي الله عنه.
وكان لها من البنات:
أم كلثوم زوجة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وزينب زوجة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما.
فيكيف يجتمع حب آل البيت وبغض أصهارهم؟!
فعمر رضي الله عنه زوج أم كلثوم بنت عليّ رضي الله عنه وعنها.
وإذا ضاقت عليهم المذاهب أنكروا زواج عمر رضي الله عنه من أم كلثوم!
فاطمة رضي الله عنها وميراث أبيها:
قال الإمام الذهبي رحمه الله:
ولما توفي أبوها تعلقت آمالها بميراثه، وجاءت تطلب ذلك من أبي بكر الصديق، فحدّثها أنه سمع من النبي يقول: لا نورث ما تركنا صدقة، فَوَجَدَتْ عليه، ثم تعللت. انتهى كلامه رحمه الله.
وحدّث الشعبي قال: لما مرضت فاطمة أتى أبو بكر فاستأذن، فقال عليٌّ: يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقالت: أتحبّ أن آذن له؟ قال: نعم. فأذِنَتْ له، فدخل عليها يترضّاها، وقال: والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ورسوله ومرضاتكم أهل البيت. قال: ثم ترضّاها حتى رضيت. رواه البيهقي في الكبرى وفي الاعتقاد.
شُبهات وجوابها:
صح أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل فاطمة وزوجها وابنيهما بكساء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وهذه منقبة لهم، ولا يُفهم منه انحصار آل البيت في هؤلاء كما تفهمه الرافضة.
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني. رواه البخاري.
تقول الرافضة: إن أبا بكر أغضب فاطمة رضي الله عنها، فهو داخل في هذا الحديث.
وليس الأمر كما زعموا، فإن أبا بكر رضي الله عنه عمِل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي، وعمِل بما اتفق عليه الخلفاء من بعده ووافقوه عليه بما في ذلك عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
فهل يُقال: إن علياً رضي الله عنه أغضب فاطمة بهذا؟
وتقدّم سبب ورود الحديث في سيرة أبي الحسن رضي الله عنه وأرضاه.
¥