فعندما أقبلت السيدة عائشة وبلغت مياه بني عامر ليلاً، نبحت الكلاب، فقالت: (أيُّ ماءٍ هذا؟) 000قالوا: (ماء الحوْأب) 000قالت: (ما أظنني إلا راجعة) 000قال بعض من كان معها: (بل تقدمين فيراك المسلمون، فيُصلحُ الله ذات بينهم) 000قالت: (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم: (كيف بإحداكُنّ تنبُحُ عليها كلاب الحَوْأب)) 000وبعد أن انتهى القتال وقف علي -رضي الله عنه- على خِباء عائشة يلومها على مسيرها فقالت: (يا ابن أبي طالب، ملكْتَ فأسْجِحْ -أي أحسن العفو-) 000فجهَّزها الى المدينة وأعطاها اثني عشر ألفاً -رضي الله عنهم أجمعين-000
معاوية والسيدة عائشة
لمّا قدِم معاوية المدينة يريد الحج دخل على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ومولاها ذكوان أبو عامر عندها فقالت له عائشة: (أمِنتَ أن أخبِّىء لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً؟) 000قال معاوية: (صدقتِ) 000فكلّمها معاوية فلمّا قضى كلامه، تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق، والذي سنّ الخلفاء بعده، وحضّتْ معاوية على اتباع أمرهم، فقالت في ذلك، فلم تترِك000
فلمّا قضت مقالتها قال لها معاوية: (أنتِ والله العالمة بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المناصحة المشفقة، البليغة الموعظة، حَضَضْتِ على الخير وأمرت به، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا، وأنتِ أهلٌ أن تطاعي) 000فتكلّمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً، فلمّا قدم معاوية اتكأ على ذكوان، قال: (والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من عائشة) 000
وفاتها
توفيت سنة ثمان وخمسين في شهر رمضان لسبع عشرة ليلة خلت منه، ودُفنت في البقيع000
هي من زوجات النبي في الجنة. أبوها الصديق أحب الناس الى النبي الكريم. أمها أم رومان التي قال عنها الرسول الكريم: " من سره أن ينظر الى امرأة من الحور العين فلينظر الى أم رومان ".
لقد تربت عائشة في بيت يملأه نور الإسلام. أبوها شيخ الصحابة، صديق الرسول، رفيق صباه، تخلق بأخلاقه وسار بسيرته، وعرفه ليلا نهارا، وعرف أحواله الشريفة كلها. فسارع الى الإيمان وغرس هذه الخصال الحميدة كلها في أهله، وخاصة ابنته عائشة رضي الله عنها.
وأمها نموذج كريم عن الزوجة الوفية، والأم الواعية التي تنظر الى الأمور بنور البصيرة، لتستقيم الحياة الزوجية. ولذلك تشربت عائشة مكارم الأخلاق من أمها فأصبحت أكرم النساء وأوفى الطاهرات.
عندما بدأت عائشة تدخل في مرحلة الصبا، جاء الوحي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصورتها، وأخبره بأنها زوجته في الدارين. ولذلك خُطبت عائشة الى النبي عليه الصلاة والسلام.
خطبها النبي الكريم عندما كان عمرها 9 سنوات، ثم تزوجها عندما بلغت 13 عاما بعد أن استقر المقام بالمسلمين في المدينة المنورة.
دار عائشة أم المؤمنين ملاصقة بالمسجد النبوي الشريف. وهي هذه الدار، القبة الخضراء في المسجد حيث دفن الرسول الكريم، وأبو بكر الصديق، والفاروق عمر بن الخطاب.
ومنذ اليوم الذي دخلت فيه عائشة رحاب البيت النبوي الشريف، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيغها على عينيه، ليأخذ عنها المسلمون دينهم. فكانت عائشة أفقه نساء الأمة. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء ". (أي عائشة)
وكان الرسول الكريم معلما عظيما، وأبا كريما، وزوجا وفيا. بهذه الصفات التي تحلى بها والمبادىء التي بشر بها، انتصر على الجهل والشرك.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو القائل: " المعرفة رأس مالي، والعقل أصل ديني، والحب أساسي، والشوق مركبي وذكر الله أنيسي، والثقة كنزي، والحزن رفيقي، والعلم سلاحي، والصبر ردائي، والرضى غنيمتي، والفقر فخري، والزهد حرفتي، واليقين قوتي، والصدق شفيعي والطاعة حسبي، والجهاد خُلُقي، وقرة عيني في الصلاة ".
¥