كانت بسبب صغر سنها تلعب بالألعاب مع صديقاتها ويتركهن الرسول الكريم يمرحن بعض الوقت. وعندما يوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكون برقة. وكثيرا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسابقها. وكانت تتزين له، وتحدثه بحديث جميل، وتطيعه. وهي التي قال فيها رسول الله: " خير المرأة من اذا نظر اليها سرته، واذا أمرها أطاعته "
بعد أن صورنا كيف كانت عائشة في البيت النبوي الشريف، فلننظر كيف تصرف النبي الكريم مع حادثة الإفك. أولا ما هي حادثة الإفك؟ وكيف تمت تبرأة سيدة العالمين من ذلك الأمر الرهيب؟
خرج النبي الكريم مع قوات المسلمين من المدينة لتأديب ومعاقبة يهود بني المصطلق. وكان من نصيب عائشة الخروج في هذه المعركة.
وتم النصر، والتقى على حوض الماء الذي كان يستسقي منه المسلمون أحد الأنصار وأحد المهاجرين، فتزاحما وتنافرا. وكاد تزاحمهما أن يؤدي الى اشتباك بين المسلمين. ومما زاد في تأجيج نار الفتنة ما قاله رأس المناقين، من يهود المدينة الذين أسلموا ظاهرا عبد الله بن أُبي بن سلول. وقوله هو: " لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ". فرأى النبي الكريم أن من الحكمة أن يشغل الناس عن الفتنة بالمسير على الفور بعد أن أقاموا للإستراحة.
كانت عائشة قد خرجت من خيمتها لقضاء حاجة بعيدا عن معسكر المسلمين. وابتعدت كثيرا، وهي لا تدري من أمر ما يحدث شيئا. وحمل القائد هودجها ولم يحس بأنها ليست في داخله ومشى.
للأسف، عندما عادت عائشة الى مكان المعسكر لم تجد أثرا لبشر، فخافت كثيرا. ثم لبثت في مكانها لا تدري كيف تتصرف وماذا تفعل. وكان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، القائد الخبير، أن يرسل أثر كل غزوة رجلا من أصحابه إسمه صفوان بن المعطل يستدرك ما فاته المسلمون عند رحيلهم.
وفوجئت عائشة – رضي الله عنها – بخيال فارس يأتي حيث تقف فأرخت حجابها، وعندما لمحها صفوان غض بصره واستغرب كيف تأخرت عن جيش المسلمين. ثم نزل بعيره، وتأخر حتى ركبت، ثم تقدم وأمسك بالمقود.
وشغل بال الرسول الكريم على عائشة بعد أن افتقدها فلم يجدها، واهتم لأمرها. وها هي عائشة تطل مع صفوان. وشاهدهما رأس المنافقين ابن سلول. فقال لنفر من شاكلته: لقد أطلت زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركاب رجل، والله ما نجت منه ولا نجا منها.
وسرت الأكذوبة بين الناس. وعائشة دخلت منزلها لا تدري من أمر هذا الإفتراء شيء. وصل الهمس الى أذن الرسول الكريم، فعاش فترة من الحيرة والقلق والهم الشديد.
ثم عندما مرضت عائشة كثيرا، واستأذنت النبي الكريم أن تذهب الى بيت والدتها لتقوم على خدمتها. فوافق على الفور. الأمر الذي أثار دهشة عائشة إذ كان لا يطيق فراقها. ولم يبدو عليه هذا اللطف الذي كان يُظهره لها عندما تمرض. فازداد قلقها، فأخبرتها أم مسطح بقول أهل الإفك. فبكت يوما وليلتين حتى ظنت أن البكاء سيقطع كبدها.
وكان سيدنا محمد ساكتا سكوت الصابر، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا. وحين أحس بأن كثرة القيل والقال قد كثر، خطب في الناس قائلا: " أيها الناس، ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق، والله ما علمت منهم إلا خيرا. ويقولون ذلك عن رجل ما علمت منه إلا خيرا، ولا أدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي، يعني صفوان. فسكت الناس جميعا.
ثم أراد الرسول الكريم أن يستشير أصفيائه، فأثنوا عليها خيرا. وعندما سأل عمر بن الخطاب ما رأيك بعائشة؟ رد عليه عمر قائلا: ومن زوجك إياها؟ فأجاب الرسول الكريم: الله عز وجل. فقال عمر: أتظن أن الله قد خدعك فيها؟ سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم.
ولقد لبث شهرا لا يُوحى اليه في شأنها شيء. مما فسح المجال لألسنة السوء. ولم يبق أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيلة إلا المواجهة. فكيف حصلت هذه المواجهة؟
دخل على دار أبي بكر، وكانت عائشة وأمامها امرأة من الأنصار فمسحت دموعها. فجلس الرسول الكريم قبالتها، وقال لها: " يا عائشة إنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله عز وجل، وإن كنت ألممت بذنب، فأستغفري الله، وتوبي اليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب، تاب الله عليه.
¥