تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أنا البحر]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 03:41 م]ـ

4 - أولويات في مجال التحديث والتطوير:

أ- الاستفادة من النظريات اللسانية المعاصرة في البحث:

لقد أصبح من المعلوم أن القواعد هي طريقة لفهم آلية اللغة، ووسيلة لامتلاك أساليب التعبير، وللقواعد المعيارية فائدة تعليمية كبرى ... لكنها ليست خلقا بل وضعا، ولذا يمكن تعديلها وتبديلها، كما أنها استنتاجات عامة لمتن اللغة، ولذا يمكن إخضاعها لعمليات الاصطفاء والانتقاء، ويمكن منهجتها بشكل أنسب (38)

وقد تحول الأمر في وقتنا من وضع القواعد النحوية للغات إلى دراسة نظام النحو ذاته، ومن المحسوس إلى المجرد، ومن الخاص إلى العام، ومن الظاهر إلى الباطن (39)

و اتضح أن نظام النحو في أساسه ما هو إلا وسيلة لتوصيف اللامحدود اللغوي وتفسير مظاهره، وذلك برد العدد غير المحدود من تجلياته إلى عدد محدود من المقولات أو المكونات والأنماط والعلاقات والقيود.

كما اتضح أن النظرية النحوية الحديثة تسعى منذ البداية إلى استخلاص الكليات اللغوية مع مراعاة مفهوم الوسائط، وصياغة أوجه الاختلاف بين اللغات بدلالة عدد محدود من العوامل، وتأخذ هذه العوامل قيما محدودة لتوليد نحو لغة معينة، بصورة تشبه في أساسها عملية التعويض في عوامل المعادلات الرياضية الشاملة لتحديد دلالة بعينها (40)

كما أدى الحوار المكثف بين النحويين التحويليين واللغويين الحاسوبيين إلى ظهور نظريات نحوية حديثة قائمة بذاتها، وحدث تفجير في الدراسات النحوية جعلتها تتلاقى مع علوم المنطق ونظرية الإدراك المعرفي وعلوم الحاسوب والرياضيات وعلم النفس ... وهكذا أصبح للحديث النحوي منبران: منبر اللغويين ومنبر الحاسوبيين.

لكن نحونا العربي ما زال يتخبط بين اجترار بعض أهله، وارتماء الآخرين في أحضان المجهول، إن من مظاهر أزمة الدراسات النحوية:

* غياب النموذج النظري الشامل لتحديث النحو العربي، فقد تركزت معظم الجهود على الجوانب الفرعية، وقد كان هناك محاولات لتحديث النحو العربي في بداية القرن الماضي – تقدمت الإشارة إلى بعضها – لم يكتب لها النجاح لغياب الأساس النظري و المنهجي.

* تجاهل النظريات النحوية الحديثة، فقد التزم معظم نحاتنا الصمت تجاه النظريات النحوية الحديثة، وربما كان السبب وراء ذلك هو عدم توفر العُدة المعرفية والنظرية من رياضيات متقدمة ومنطق حديث، ناهيك عن الإغفال شبه التام للغويات الحاسوبية وإنجازاتها الباهرة من معالجة النحو آليا، وما أدت إليه من كشف كثير من الأسرار النحوية. لقد أغفلت جامعاتنا ومجامعنا ومعاهدنا اللغوياتِ الرياضية واللغوياتِ الحاسوبية والإحصاء اللغوي وبناء النماذج اللغوية، وتلك بمثابة الهياكل الأساسية للتنظير النحوي الحديث! (41)

* الخلط بين التنظير للغة وأمور تعلمها: هناك خلط واضح بين متطلبات تعليم النحو العربي ومقومات التنظير له، يقول نبيل علي: " ودعني أسرف القول قليلا لأزعم " أن تعليمنا تنظير ولغوياتنا تربويات " ففي محاولاتهم لتيسير تعلم نحو العربية هاجم البعض مبادئ أساسية في صلب كيان النحو العربي ثبتت صحتها على ضوء النظريات النحوية الحديثة كالإعراب التقديري والاستتار وإعراب المحل ... (42)

ولعل من المنطلقات المقترحة لتحديث النحو العربي:

* الانطلاق من مبدأ النحو العام، واستغلال ظاهرة التوسط النحوي للعربية وذلك من خلال الاهتمام بالدراسات المقارنة والتقابلية.

* التحليل المنهجي لعلاقة النحو بالصرف وبالدلالة.

* دراسة النحو كمنظومة متكاملة، والاهتمام بالعلاقات البينية التي تربط آلياته المختلفة، والخروج بقائمة متكاملة للسمات الصرفية- النحوية.

* الانطلاق من مدخل الدلالة (المعنى بشكل عام) حيث يساعد هذا المدخل على إضافة العمق النظري لكثير من الظواهر النحوية.

* ضرورة تنويع مظاهر التنظير النحوي للغة العربية، وعدم الانحياز المسبق لبعض المدارس النحوية الحديثة، إن تعريض نحو العربية لتيارات تنظيرية متعددة بل ومتعارضة أيضا هو الكفيل الوحيد لكشف جوانبه المتعددة، والإسراع من حركة الإصلاح النحوي وترشيدها

* استغلال الحصاد النظري الهائل الذي يتم على صعيد اللغات الأخرى خاصة الإنجليزية والإسبانية والروسية واليابانية والفلندية والعبرية ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير