لا شك أن الأمور المتعلقة بتشكيل الكتابة العربية هي أكبر المعضلات أمام نظم معالجتها الآلية، وحتما هي في أمس الحاجة إلى دراسة مستفيضة ومتعمقة،لا تقف عند حدودها التربوية دون سواها كما فعلت معظم الدراسات السابقة، فما زالت معظم جوانب هذا المشكل اللغوي غامضة ومشتتة وذلك نظرا لوقوعها في منطقة التشابك بين نظم الكتابة والصرف والإعراب ومنهجيات تعليم اللغة العربية (56)
ويرتبط بمسألة التشكيل، الإعراب الآلي / التحليل، إذ فيه تمتد مهمة النظام الآلي لتشمل تحديد بنية الجملة من حيث هيكليةُ مكوناتها ووظائفُ عناصرها، وكذا تحديد مواضع التقديم والتأخير والحذف واستنباط ما حذف والتعويض عن المفهوم سلفا ... إن على المحلل النحوي الآلي في وضعه المثالي توفيرَ جميع المعطيات اللازمة للتحليل اللغوي الأعمق، ونقصد به عملية الفهم الأوتوماتيكي لمضمون الجمل والسياق، فضلا عن الحكم على الجمل بالصحة النحوية أو عدمها.
تمثل عملية التوليد النحوي أحد المقومات الرئيسية لتوليد النصوص آليا، وهو أحد التطبيقات التي تتعاظم أهميتها مع التوسع في استخدام أساليب الذكاء الاصطناعي ونظم قواعد المعارف (57)
4 - التصحيح الآلي للأخطاء النحوية:
من المعروف أن التصحيح الآلي للأخطاء الإملائية يتم باستخدام المعالج الصرفي الآلي، وقد أثبت عدم كفايته لاكتشاف جميع الأخطاء التي ترد في النصوص، خاصة بالنسبة للغة كالعربية تتميز بحدة التآخي النحوي الذي يربط بين كلمات الجملة، وهو يعمل على مستوى الكلمة، ولذا لا يمكنه اكتشاف أخطاء مثل " المواطنون السلبيين يوكل مصيرهم إلى واضعون القوانين " ففي هذا المثال أخطاء نحوية لا يمكن للمصحح الإملائي أن يكتشفها، حيث لا يهمه إلا صحة الكلمات المفردة (58)
أما المصحح الآلي للأخطاء النحوية فإنه يقوم باكتشاف الخلل النحوي، وهذا يتطلب إضافةَ إمكانياتٍ جديدةً للمعالج النحوي، ليتمكن من التعامل مع حالات الخطأ المختلفة، وربما تطلب ذلك وضع مجموعة من القواعد لتوصيف الحالات الشائكة للخطأ النحوي، وفي أغلب الظن سيتم وضع هذه القواعد على أساس تلك الخاصة بالسلامة النحوية، حيث معظم الأخطاء النحوية ما هي إلا انحراف طفيف عن النمط السليم للجمل، وعلى الباحثين اللغويين والحاسوبيين مهمة وضع نظام قواعد للانحراف النحوي في العربية المشكولة وغير المشكولة (59)
5 - تعليم النحو بواسطة الحاسوب:
يعد المعالج النحوي الآلي للغة العربية مقوما أساسيا لتعليم اللغة العربية، وذلك لقدرته على إكساب عملية التعليم المذكورة طابع المرونة والتجدد والحوار، فيمكن للطالب أن يدخل جملا للنظام الآلي ليقوم المحلل بتحليلها أو الحكم على صحتها، أو يقوم المولد الآلي بتوليد جمل من قاعدة معارف أو قاعدة بيانات ليقوم الطالب بإعرابها، ويمكن استخدام المصحح النحوي الآلي كذلك لتصويب الأخطاء الشائعة لدى الطلاب وحصر أخطائهم النحوية.
إن ثالوث المعالج الصرفي الآلي والمعالج النحوي الآلي والمعجم العربي المميكن ... هو بمثابة القاعدة الأساسية التي يمكن إقامة سلسلة من البرامج التعليمية " الذكية " عليها، لتعليم اللغة العربية باستخدام الحاسوب، وبتوفير هذه الأدوات يجب على التربويين العرب استغلال إمكانياتها العديدة في التصدي للمشكلة المزمنة لعزوف الكثيرين عن تعلم لغتهم وإتقانها.
إن هذه الاستخدامات والطموحات المغرية، في حاجة إلى جهود مضنية من قبل اللغويين عموما والنحويين خصوصا، ولاشك أن في تحقيقها الخير العميم والنفع الكبير والخدمة الجبارة للغة القرآن الكريم، ولعل من المشاكل التي تواجه هذه التطبيقات و يعد البحث في حلولها من الأولويات:
- غياب صياغة رسمية للنحو العربي
- إسقاط علامات التشكيل في معظم النصوص العربية
- تعدد حالات اللبس النحوي وتداخلها الشديد
- المشاكل الناجمة عن المرونة النحوية للعربية
- حدة ظاهرة الحذف النحوي
- قصور المعجم العربي نحويا ودلاليا
- تعدد العلامات الإعرابية وحالات الجواز والتفضيل
- عدم توفر الإحصائيات النحوية (60)
¥