تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن نصيب الجامعات السعودية في التصنيف الأخير ( Webometrics Ranking ofWorld (Universities الذي كانت تتذيله مع دولتين - لديهما المسوّغات الكافية لذلك - مع التصنيفات السابقة كتصنيف ( Shanghai Jiao Tong University) ، ولأفضل (500) جامعة في العالم، و تقرير T Times Higher Education Supplement) ) حول أفضل (200) جامعة لم يكن مفاجأة لدى الكثيرين؛ فمستوى جامعاتنا التي تئن من الهزال ومن القيود كان مصدر امتعاض لكثير ممن بين أروقتها بغض النظر عن هذه التصنيفات التي مهما شُكك في موضوعيتها ومصداقيتها إلاّ أنها تبقى قائمة على معايير ذات أهمية بمكان؛ بحيث لا يبقى مجال واسع للتشكيك، أو لنظرية المؤامرة .. كمعيار تقييم زملاء التخصص، و الجهات الموظفة لخريجي الجامعات، والطلبة الدوليين، و الإسهام البحثي للجامعة وقدرتها على استقطاب نخب الباحثين .. فأين جامعاتنا من هذه المعايير مثلاً .. ؟ قد نتفهم صعوبة بعض المعايير كأحد معايير (شانغهاي جياو تونغ) الذي يرصد 30% من الدرجات للجامعة التي ينال أحد منسوبيها أو خريجيها على جائزة نوبل .. لكننا نتساءل عن المعايير التي من المفترض أن تكون عفوية في أي بناء يُطلق عليه "جامعة .. "!

وبعيداً عن تلك التصنيفات ومعاييرها .. فإن الجامعات بشكل عام تُناط بها مسؤوليات أبرزها: نشر العلم عن طريق إعداد الكوادر، وتنمية العلم وتطويره عن طريق البحث العلمي، وتوظيف العلم عن طريق الفاعلية في المجتمع وخدمته .. وإذا ما نظرنا إلى جامعاتنا فسنجد أن هناك خللاً كبيراً في كل ما سبق .. فمثلاً نشر العلم يُعدّ الهدف الأساسي لدينا عادة، في حين تعد الكثير من الجامعات الغربية أن تطوير العلم وتغييره هو الهدف الأساسي .. وإذا ما تأملنا هذه العلاقة فسنجد أن البحث وإن كان يستند إلى العلم، إلاّ أنه في ذات الوقت سيؤدي إلى علم، أما الاكتفاء بالعلم السابق فمعرض للوهن والجمود واجترار إنتاج الماضي، و بالتالي الحاجة إلى التطفل على موائد الآخرين بسبب "أنيميا" الإنتاج والإبداع .. !

إن الثروة العلمية التي توصّل لها العالم الآن جاءت عن طريق البحث العلمي، و هو أهم مقياس لدور الجامعة الحيوي، كما أنه مرتبط كثيراً بسمعتها، وقد تنامى الاهتمام به إلى درجة أن بعض الجامعات الأمريكية اتجهت إلى تفضيله على النشاط التعليمي التقليدي .. بينما البحث العلمي في جامعاتنا يعاني من ضعف الدعم اللوجستي المتمثل في قواعد البيانات، ودعم البيانات، مع قبضة البيروقراطية المحكمة، و قلة الإمكانيات والاعتمادات المالية المخصصة له، وضعف القناعة بأهميته من قبل الجامعات ذاتها قبل قطاعات المجتمع الأخرى، حتى غدا غالباً وسيلة لنيل الدرجات العلمية، مما أدى إلى التشابه والتكرار و الاجترار .. وهذا الواقع المأزوم يفسر لنا سبب ضعف إنتاجية مراكز البحث العلمي في جامعاتنا كماً وكيفاً، و المقدرة بـ (75) مركزاً بحثياً كان إنتاجها خلال أربعة أعوام من 1999 - 2003 ما يقارب (1650) بحثاً فقط - بحسب موقع مشروع آفاق- و بحسبة بسيطة جداً فإن عدد البحوث في العام الواحد (412) بحثاً فقط لأكثر من (17465) عضو تدريس، وبحسبة بسيطة أيضاً فإن هذا يعني أن من بين كل (42) عضواً من هيئة التدريس عضو واحد فقط هو من يقدم بحثا .. !

ثم نتساءل: أين جامعاتنا .. ؟!

جامعاتنا التي تعاني أيضاً من الغياب الاجتماعي، والقدرة على التأثير .. على الرغم من وجود النخبة فيها، فلا أثر رسمياً أو حتى شعبياً يُذكر لأي جامعة على المستوى المحلي، فضلاً عن مستوى المجتمع العربي المسلم .. بينما في دول أخرى نجد أن الجامعات لها ثقلها في بعض القضايا .. بل ولها مساهمات خيرية في المجتمع تمثل توظيف العلم .. وقد نُصاب بشيء من الخيبة إذا عرفنا أن الجامعات الإسرائيلية الحديثة النشأة، و التي احتلت مراكز متقدمة، لها جهود ثقافية واضحة كالتي تهدف إلى التطبيع الثقافي مع العرب، وقبلها الجامعات الأوروبية التي خصصت برامج لدراسة مجتمعاتنا، وترجمة تراثنا، و تبنت "الاستشراق" الذي كان كثير منه بهدف التشويه وشن الحملات المعادية لثقافتنا .. .. فأين دور جامعاتنا التي لا تقبل إلا النسب المئوية المرتفعة، والتي رفضت بعضها حتى التسعينية منها .. وما هي جهودها الواضحة ومشاركاتها الواعية تجاه المستجدات و القضايا المعاصرة؟!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير