تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لعله من الواضح أن التمييز بين المرأة والرجل في المجتمعات الشرقية خاصة، بدأ من أسطورة آدم وحواء. فحواء خلقت من ضلع آدم ثم أغوته فحرمته نعيمه في الجنة وكانت سبب خطيئته - بحسب الأسطورة.

فلنتوقف هنا قليلاً ولنفكر في عمق ونتمعن… فتقويم الواقع في تجرد يجعلنا نلمس أن المجتمعات البدائية تبنَّت المفهوم الحرفي لتلك الأسطورة، علماً انه لا مفكر على وجه الأرض (رجلاً أو امرأة) إلا يدرك حق الإدراك ان للأسطورة، كل أسطورة، رموزاً هي كالقشور التي تحجب حقائق إنسانية كبرى… فهل نتبنى القشور وننسى الحقائق؟

يوضح الكتاب حقيقة أسطورة آدم وحواء بالعودة إلى الاستيمولوجيا وعلم الكِلَم بدءاً برمز كلمة آدم، يوضحها على النحو الآتي:" وجود الإنسان على الأرض لم يكن وجود فرد واحد. فالمقصود بالإنسان (آدم) هو شعب آدم ". أي شعب الإنسان الكامل في الزمن الذي كانت فيه الأرض تجسد الكمال الإلهي – أي الأرض-الجنة. ويوضح في مكان آخر" فالكمال لا يعي نفسه إلا بالنقصان… والثنائية هي العنصر الفاعل الذي سيدفع الإنسان ليسعى… والسعي هو سبيل الاكتساب، سبيل التقدم والتطور. يسعى الإنسان نحو الجزء الآخر ليكمل النقصان في نفسه. بذلك يتفهم النقصان ويتقدم نحو الكمال الذي انتقَص منه، الذي كان هاجعاً فيه ". ولعل ذلك ما يفسر حقيقة التجاذب والانجذاب بين الجنسين. فالانجذاب هو الذي يتطور إلى حب بين الرجل والمرأة. لكن أي انجذاب هو المقصود، وأي حب؟!

إن الثنائية التي تتوق إلى وحدتها، إلى كمال صفات تلك الثنائية المتمثلة بأجهزة أو بأبعاد الوعي السبعة (أو كما اصطلح على تسميتها بالأجسام الباطنية) التي يتألف منها كل إنسان كما توضحها علوم الايزوتيريك في الرسم البياني المرفق. فالجسد المادي أدنى تلك الأبعاد وأكثرها كثافة، أما أعلاها واشدها شفافية فهي الروح. فحين ازدوج الإنسان الكامل إلى رجل وإمرأة، تمدد الرابط الروحي بين النصفين فيما ازدوجت الأجسام الستة الباقية، فبات الرجل يحوي سبعة أجسام باطنية لكن الصفات الأكثر قوة واشد قابلية للاكتمال هي صفات وخصائص الأجسام الباطنية الثلاثة التالية: الجسم الأثيري (الوجود)، الجسم العقلي، وجسم الإرادة، وعليه تفعيل الأجسام الثلاثة الأخرى المتبقية. كذلك الآمر بالنسبة للمرأة فهي تحوي سبعة أجسام باطنية، لكن الأكثر فاعلية فيها هي الجسد المادي، المشاعر والتطبيق، وجسم المحبة، وعليها تفعيل الأجسام الثلاثة الأخرى، (الاثيري والعقلي والارادة).

إن ضرورة توعية الصفات الكامنة في كل من المرأة والرجل يوضح حقيقة التداخل بين الكيانين، أو ما يسمى بالتجاذب الذي لا يجد له المرء عادة التفسير في الحياة اليومية العادية. لكن المرأة والرجل عمل كلاهما على تنمية التجاذب الجسدي من دون مكونات الكيان الأخرى إلا في شكل سطحي أحياناً، مما أدى إلى خلل في العلاقة بينهما، وظهر عدم التوازن في المعاملة وانكفأ جوهر الحب كنتيجة تفاعل بين الكيانين. فالحب على عكس ما يعتقد الكثيرون، لا ينحصر في الجاذبية الخارجية بين الرجل والمرأة، ولا ينمو بها. الحب تعلّم، أي أن كلا الرجل والمرأة ينبغي أن تكون علاقتهما سعياً الى التعامل الفكري والعاطفي والجسدي الواحد مع الآخر وذلك، بغية تحويل الانجذاب إلى انسجام، فينمو الحب وتقوى جذوره في تربة الوعي ويتجه نحو الحب الكبير من خلال التجدد الدائم وصولاً إلى العلاقة المتوازنة والمساواة التامة ومداها حرية وعي يتنامى يوماً بعد يوم.

قد تبدو هذه الصورة شبيهة بالمعادلات العلمية الجافة. فقد جرت المعادلة على وصف الحب بذلك الشعور العفوي الفطري الذي يتماوج فرحاً وتلذذاً… ولا يملك المرء حياله إلا الانجراف فيه والانصياع له. لكن بعدما يستفيق الحب من هيامه، وتصبح العلاقة تحديد مسؤولية وقرار ارتباط بالزواج، ألا يلزم إيقاظ الإرادة الفردية ووضع الحب في الإطار الفكري اللازم الذي يحدد مستقبل المرأة والرجل ومسؤوليتهما معاً؟! ذاك ما يستدعي تقويم الحب وتطويره أو تضميخه بالوعي ليتنامى نضجاً وادراكاً متوسعاً في حياة مشتركة. أما، لو اتجه الهوى والهيام إلى الارتباط بالزواج بلا تخطيط واضح وتنظيم في توزيع المسؤوليات على الطرفين، والسعي إلى بناء اسرة إلى جانب المشاركة في كل ما يتطلبه الواقع الحياتي… ففي غياب كل ذلك ينذر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير