يعلق الشيخ قائلاً: وهذا واضح كل الوضوح في أن أمر التعليم على الصورة التي أرادوها والتي أرادها "دنلوب" وأمثاله هي نزع اعتقاد الشباب المسلم في كتاب الله الذي أنزله على نبيه - صلى الله لعيه وسلم-، والذي عبّر عنه " وليام جيفرد بلغراف" بقوله: متى توارى القرآن، ومدينة مكة من بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربية يتدرج في سبيل الحضارة التي لم يبعده عنها إلا محمد وكتابه ..
(وخسىء المبشر التالف). ثم كشف الشيخ شاكر كيف استأجر هؤلاء المبشرون جماعة من الكتبة الذين يتسمون بأسماء إسلامية لتمرير مخططاتهم وأفكارهم ومناهجهم، ومن هؤلاء الدكتور/ محمد أحمد خلف الله.
وبين الشيخ أن النصارى القبط هم من أعان المستعمرين على تمرير مخططاتهم في هذه الأمة، ورد في كتابه على من سمّى تطبيق الحدود وحشية وذلك في مقالته الثامنة عشرة من الكتاب.
ومن فصول الكتاب الرائع شرحه لكلمة " دين" وذلك في المقالة الرابعة والعشرين، وكشف فيها عن خطأ الناس القاصر في فهمهم لهذه الكلمة.
ومن مقالات الكتاب القيمة ما كشف فيها الشيخ عن جهل هؤلاء الكتبة المستأجرين بلغة أساتذتهم وأئمتهم عن الغرب، فإنه في المقالة الخامسة والعشرين بين فيها جهل لويس عوض لترجمته مسرحية "أرسطو فان" والتي عنوانها الضفادع وهي المقالة الأخيرة في الكتاب حيث توقفت المقالات، فإنه بعدها وفي آب سنة 1965: (أحاطت بي الأسوار وأظلمت الدنيا، وسمعت ورأيت وفزعت وتقززت… وكان ما كان ..
وعلمت، حتى ما أُسائل واحداً عن علم واحدة لكي ازدادها
وتسليت عن كل ما ألقي إلي بقول شيخ المعرة ..
يسوسون الناس بغير عقل فينفذ أمرهم ويقال ساسة
فأفًّ من الحياة وأُفُّ منِّي ومن زمن رئاسته خساسة)
ذلك أن الشيخ سيق إلى السجن مرة ثانية، فقد تكالب عليه الخصوم، وراحوا يتهمونه أنه يدعو إلى فتنة طائفية دينية " ونعمت التهمة"، فاستجابت السلطة لهم وتم سجنه وبقي فيه سنتين وشيئاً حتى كانت جريمة حزيران عام 1967 م.
وقد شهد له إخوانه أنه كان في السجن مثالاً للصبر على كبر سنِّه ومرضه ن وكان كذلك سمح الروح واسع الصدر، وقد طُلِبَ منه أن يعتذر كما كتب ليفرج عنه، فرفض أشد الرفض.
الوحدة الموضوعيِّة للقصيدة في الشعر الجاهلي:
وبعد خروج الشيخ من السجن عاد مرة ثانية إلى دراسة الشِّعر الجاهلي، فكتب مجموعة من المقالات تحت عنوان:- " نمط صعب ونمط مخيف" وذلك على صفحات مجلة " المجلة" في الفترة (1969 - 1970)، وفي هذه المقالات قام الشيخ/ شاكر بدراسة قصيدة ابن أخت تأبط شراً التي مطلعها:
إن بالشعب الذي دون سلع لقتيلا دمه ما يطل
قذف العبء عليَّ وولَّى ن فأنا بالعبء له مستقلُّ
ووراء الثَّأرِ منّي ابن أخت، مصِعٌ عقدته ما تُحلُّ
مطرق يرشح موتاً، كما أطرق أفعى، ينفث السّمّ صلُّ
خبر ما نابنا مصمئلّ! جلّ حتى دقَّ فيه الأجلُّ
وسبب دراسته لهذه القصيدة أن (يحيى حقي) أشاد بترجمة (جوته) لهذه القصيدة وزعم حقي أن القصيدة الجاهلية تفتقر للوحدة الموضوعيّة ..
قام الشيخ بالكشف عن قائلها لاختلاف الرواة في تعيينه، ونفى أن تكون لتأبط شراً أو الشّنفري، وجزم أنها لابن أخب تأبط شرّاً، وحقَّق القول في زمن إنشادها وأن ابن أخت تأبط شرَّا أنشدها بعد أن ثأر لخاله من هذيل، ثم رتَّب الشيخ القصيدة ترتيبا جديدا، وهي مواصلة له لتأكيد صحة نسبة الشعر الجاهلي، وهي المسألة التي بقيت هاجسة إلى آخر أيّامه، فإنه اعتبرها قضيته التي أحس بها وهو طالب عند الشيخ المرصفي، ثم عانى منها ما عانى بعد أن تفجرت هذه القضية على يد طه حسين.
وكان الشيخ شاكر - رحمه الله تعالى- يعتبر أن القضيّة الأولى لإعادة الإعتبار للقصيدة الجاهلية وفهمها بكونها تحمل وحدة موضوعية واحدة، هو ترتيب القصيدة، فقد ذكر الدكتور/ ناصر الدين الأسد أن الشيخ/ شاكر كان في تدريسه للطلاب - الأصمعيات- يبذل جهداً كبيرا في إعادة ترتيب القصيدة بعد تجميعها من مظانِّها ليفهم الناظر وحدة الموضوع فيها.
¥