وفي سنة 1970م أسهم الشيخ/ شاكر في نشر الوحشيات- وهو الحماسة الصغرى لأبي تمام الطائي، وفي عام 1974 أعاد نشر كتاب ابن سلام " طبقات فحول الشعراء"، ثم أعاد نشر كتابه " المتنبي" سنة 1976 مع مقدمة جديدة، تحدث فيها عن الكتاب وقصته وتحدث فيها عن فساد الحياة الأدبية، وعرض صور السرقة التي يقتات عليها بعض المؤلفين، وكشف فيها عن منهجه في تذوق الشعر تذوقا علمياً للوصول إلى ما يريده الباحث، سواء كان المراد من فهم مكنونات الشّاعر النّفسيّة أو معرفة البيئة المحيطة به.
وفي سنة 1975 ألقى الشيخ/ محمود شاكر سلسلة من المحاضرات حول الشعر الجاهلي في جامعة/ محمد بن سعود بالرياض.
في سنة 1982 بدا الشيخ بنشر كتاب " تهذيب الآثار" للإمام أبي جعفر الطبري.
وفي سنة 1984 نشر شاكر " دلائل الإعجاز" وضمَّ إليه " الرسالة الشافعية في الإعجاز" لعبد القاهر الجرجاني.
رسالة الشيخ/ شاكر إلى أمة الإسلام وكتابه " رسالة في الطريق إلى ثقافتنا"، وهذا الكتاب على صغره غنيّ بالفوائد والمعلومات، وجعلها في طبعة " المتنبي" الجديدة مقدمة لكتابه، شرح فيها باسطا مسألة تذوق الشعر ومنهجه فيه، وبين فيه مزية (الكتب المبتدأة الموضوعة في العلوم المستخرجة، فإنا نجد أربابها قد سبقوا في فصول منها إلى ضرب من النظم والمعرفة، أعيا من بعدهم أن يطلبوا مثله، أو يجيئوا بشبيه له، فجعلوا لا يزيدون على أن يحفظا تكل الفصول على وجوهها. فقد أراد أن يبين عظمة الأوائل وقيمتهم في أبواب العلم، وفي ذلك ردّ على من زعم أن أساليب النقد وعلومه، ومناهج التذوق لا بصر للأوائل بها، وهذا الذي دعا الدكتور / محمد محمد أبا موسى أن يكتب كتابه القيم " الإعجاز البلاغي" درلسة تحليليّة لتراث أهل العلم" ويقول:- إنهم لم يتكلوا في الإعجاز لأن برهانه كان قائما في نفوسهم ومضى الأمر على ذلك حتى تبدلت أحوال العرب، ولانت جلودهم، ونجم في مجتمع المسلمين أهل التشكيك وجاهروا بالزيغ، وكثر القول في القرآن وإعجازه، واندست مقالة أهل الضلالة.
وأشار الدكتور محمد محمد أبو موسى إلى أن الكثير من أهل التحقيق يوهمون الناشئة أن كلام/ شاكر- في اعتبار أن مناهج التذوق والنقد لآداب العربية خاصة لهذه البيئة ولا عبرة بما يقوله الأجانب في هذا الباب- في هذا الباب يمثل موقفه المتشدد. وعلى القارىء الرجوح إلى شرح الشيخ / شاكر لكلمة سيبويه في أول الكتاب: - وأما الغقل فأمثلة أخذت من لفظ أخذت من لفظ أحداث الأسماء، وبنيت لما مضى، وما يكون ولم يقع، وما هو كائن لا ينقطع .. وشرحه كذلك لكلام الجرجاني في أن ما قاله سيبويه لم يمكن لأحد بعده أن يلحق شأوه، أو أن يتقدم عليه.
(المنهج) عند الشيخ شاكر:
شرح الشيخ في الرسالة بعض ما يعنيه بالمنهج قائلا:-
كان منهجي، كما نشأ واستتبّ في نفسي، كان منهجا يحمل بطبيعته نشأته رفضا صريحا واضحا قاطعا غير متلجلج، لأكثر المناهج الأدبية التي كانت فاشية وغالة وصار لها السيادة على ساحة الأدب الخالص إلى يومنا هذا، كما حدّثتك آنفا.
فلكي تكون على بينة مرة أخرى ..
فاعلم، قبل كل شيء، أن تسميتها " مناهج" تجاوز شديد البعد عن الحقيقة وفساد غليظ وخلط، إذا كنت تريد أن تكون على ثقة من معنى هذه الألفاظ التي تجري الآن بيننا، ولكن قد كان ما كان، فهكذا اصطلحوا على تسميتها!
وقديماً تناولت لفظ " المنهج" وحاولت البيان عنه فقلت:
" ولفظ المنهج" يحتاج مني هنا إلى بعض الإبانة، وإن كنت لا أريد به الآن ما اصحلح عليه المتكلمون في مثل هذا الشان، بل أريد به " ما قبل المنهج" أي الأساس الذي لا يقوم " المنهج " إلا عليه.
" فهذا الذي يسمّى " منهجا" ينفسم إلى شطرين: شطر في تناول المادة وشطر في معالجة التطبيق.
" فشطر المادة يتطلّب قبل كل شيء جمعها من مظانها على وجه الإستيعاب المتيسر، ثم تصنيف هذا المجموع، ثم تمحيص مفرداته تمحيصا دقيقا، وذلك بتحليل أجزائها بدقة متناهية، وبمهارة وحذق وحذر، حتى يتيسر للدارس أن يرى ما هو زيف جليا واضحا، وما هو صحيح مستبينا ظاهرا، بلا غفلة، وبلا هوى، وبلا تسرع"ز
¥