ثم بين الشيخ شاكر أسباب عدم حصول النهضة، ويربط بين الإخفاق الحاصل وبين جهود المستشرقين في إيجاد الصراعات تحت عناوين:- (الأصالة والمعاصرة) و (القديم والجديد) و (الثقافة العالمية) وبالقضية الهزلية (قضية موقفنا من الغرب).
التوصيف الموضوعي لهجمة نابليون على مصر:-
اعتبر الشيخ أن هجمة نابليون على مصر هي من أجل إجهاض ما كان يمكن أن يكون من نهضة لهذه الأمة .. يقول - رحمه الله-: وئدت (اليقظة) أو كادت، وخربت ديارها أو كادت، و استؤصلت شأفة أبنائها أو كادت، واقتطعت أسبابها بالسطو أو كادت، والحمد لله على نعماء (الحملة الفرنسية) التي كان سفاحها المبير (المتحضر) ينوي أن ييشىء لبقايا السيف والتدبير من أبناء القاهرة العتيقة المهدمة (قاهرة جديدة) يستمتعون فيها بجمالها وفنونها، ومسارحها وملاهيها، وقصورها ومتنزهاتها، ويتبخترون في شوارعها خدما فارهين للسادة الأحرار أبناء " الحرية والإخاء والمساواة".
بداية التغريب
قد أفاض الشيخ/ شاكر في جرائم محمد علي الألباني المسمى بالكبير، والعجيب أن بعض الإسلاميين اليوم يريدون عد ما فعله هذا الباشا الكبير هو بداية نهضة لهذه الأمة موافقة لهم للتغربيين.
وكتاب الشيخ لمحة خاطفة للصراع الدائر بين الإسلام وخصومه، وكشف للأدوات الجديدة لهذا الصراع، فحري بالشباب المسلم الاطلاع عليه ودراسته.
وبعد
هذا شيء قليل من ترجمة الشيخ الأستاذ/ محمود محمد شاكر - رحمه الله تعالى-، أردنا أن نُعَرِّفَ به، وأن نكشف عن معركة أهل الإسلام ضد زنادقة الأدب الذين ما زالوا يعيثون في عقل الأمة فساداً، وهي تنبيه لهذا الجانب العظيم (جانب الثقافة واللغة والأدب) وإشارة إلى أهميته، والذين يحتقرون هذه المعركة إنما يستخفون بهذه الأمة، إذ لا حياة لأمة من الأمم دون لغتها ودون آدابها، ولغة أي قوم هي وعاء دينهم ومشاعرهم وأحاسيسهم وهوية وجودهم، ولذلك صدق الشيخ/ شاكر عندما قال: ونحن نعرف أنك لا تحترم أية أمة ولا تقدرها إلا بعد أن تحترم لغتها وتاريخها، وليس شيءٌ أخطر على هذه الأمة من أن تجعل أبنائها يحتقرون لغتهم.
والمساحة المخصصة لهذا البحث لا تسمح بالتوسع لبيان أكثر عن هذا الشيخ الجليل ومعتقداته ونتائج فكره ونظره، ولكن يكفي أن يخرج قارىء هذه الترجمة بصورة تقريبية عن شيخ العربية في هذا الزمان، وقد رأى البعض أن يسمي الشيخ (بالمحقق للتراث)، واعتبر هذا من باب التعظيم له، مع أن الشيخ كان يرفض هذا اللفظ واستبدلها بكلمة قراءة كما في مقدمة كتاب " طبقات فحول الشعراء" لمحمد بن سلام الجمحي، فإن القراءة العلمية العملية هي ما تحتاجه أمتنا في هذا العصر، القراءة التي تهضم التاريخ والتراث وتستوعبه على ما هو عليه، ثم تبدأ بعملية إنتاج لا يذهب بعيداً عن حاجات الأمة وضروراتها، ولا يسفه إلى دنايا الأمور وصغائرها، فإن التكرار آفة وإن تجملت بأثواب مصبوغة مزركشة.
لم يترك الشيخ مجلدات كثيرة من قلمه وإنشائه، لكنه ترك الكثير من الفهم والوعي والتدقيق، وكان واضحاً كل الوضوح مع كل كلمة يكتبها.
وقد ابتلي الشيخ بتلاميذ له لم يوفونه حقه كما أوفى تلاميذ الغير لأساتذتهم، فانظر إلى تلاميذ " طه حسين" وماذا فعلوا لأستاذهم، وكيف جعلوا اسمه في أبحاثهم ودراساتهم، فأين تلاميذ الشيخ من هؤلاء؟!.
وأخيراً، لقد كان الشيخ/ شاكر كما أراده أستاذه / الرافعي حين قال له: " إن من الناس من يختارهم الله فيكونون قمح هذه الإنسانية، ينبتون ويحصدون ويعجنون ويخبزون ليكونوا غذاء الإنسانية في بعض فضائلها.
رحم الله الشيخ شاكر وألحقه بالصالحين.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[30 - 10 - 2004, 12:55 ص]ـ
ابا غازي
جزاك الله خيرا
كفيت ووفيت
= = = = = =
الأخ عبدالمحسن
هل أنت ابن عيبان؟
ـ[عبد المحسن]ــــــــ[30 - 10 - 2004, 07:32 ص]ـ
الأخ أبا سارة ..
دليل صدقي: أن إنتاجات محمود شاكر الشامي لا زالت تتجدد وتطبع كتب ما كانت مطبوعة ومنها موسوعة الحضارات وغيرها .. وهي كتب للتو تطبع ..
ولست من تظن ..
وشكرا لك
ـ[عبد المحسن]ــــــــ[02 - 11 - 2004, 05:40 ص]ـ
وقد يخلط البعض بين محمود شاكر (المصري) وبين محمود شاكر الحرستاني (الدمشقي).
فأما محمود الأول فتكلمنا عنه قبل قليل، عالِم اللغة والأدب والإعجاز والتفسير. وأما الشيخ محمود شاكر (الدمشقي) فهو صاحب كتاب (التاريخ الإسلامي)، وصاحب بعض الرسائل الفكرية المنوعة المشتهرة، وهو من المتقدمين في بيان حاضر العالم الإسلامي. ورسائله فيها روح دعوية مركّزة خاصة في بداية صدورها.
وهو من تلامذة الشيخ مصطفى السباعي (رحمه الله)، ومن يعاشره يأنس لرقته ولطفه وتواضعه.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23908