تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[15 - 10 - 10, 12:09 ص]ـ

متابعة

الحمد لله، وبعد ..

8_ (63) أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس، أبو جعفر النّحاس المعروف بابن المُرَادي، المصري النحوي رحمه الله (ت 338هـ)

1_ الحياء لا يمنع من العلم:

قال الداودي رحمه الله عنه فيما نقله عن الزُّبيدي: (وكان واسع العلم، غزير الرواية، وكان لا يتكبَّر أن يسأل الفقهاء وأهل النَّظرِ، ويُناقشهم عمَّا أشكل عليه في تأليفاته) (1/ 69)

قال مُقَيِّدُه غفر الله له:

وهذه نكتة من نفائس النُّكت، بل من أجودها.

فإن الذي يجب أن يتحلَّى به كل طالب علم؛ أن يكون هذا دأبه في كافة مسائل العلم؛ فالعلم مفاوز، ومراحل، وأشبار، وصعوبات؛ فمن ظن أنه استغنى بما عنده من العلم، أو الفهم، او التحصيل؛ فقد ركب مركب الجهل والصَّفاقة.

فالعلم لا يُشبع منه؛ نيلاً، ونهلاً، ومدارسة، ومذاكرة، ومراجعة، ومناقشة، وكافة لوازم إثباته وتجويده.

أقضى بياض نهاري في الدروسِ وسل * * * يا أيها الشمسُ نجم الليل عن سهري

ألا إنَّ من أفسد الأخلاق على رحلة العلم، وأخطر الأدواء على القلب؛ خطر الكِبْر؛ والاستحياء المذموم؛ فالكِبْر يمنعه من أن يذلَّ بين يدي العالِم، ولو كان عالماً، أو سلطاناً، أو ذا جاهٍ.

لن أخرق الأرض أو أرقى الجبال عُلىً * * * فإنما قيمة الإنسان بالفِكَرِ

والاستحياء، يمنعه من السؤال عن المُشْكِل؛ بزعمه حياءً!!

وما أحلى قول أمي وأمك الصدِّيقة عائشة رضي الله عنها: «رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يسألن عن أمر دينهن»

إن من الجهل أن يظن المرء أن في سؤاله لأهل العلم _ ولو كان عالماً _ منقصة؛ فذا لا ينال العلم، وقد جاء عن أبي العالية _ رُفيع بن مهران _ رحمه الله أنه قال: (لَا يَتَعَلَّمُ مُسْتَحٍ و لَا مُتَكَبِّر) كما في الحلية لأبي نُعيم رحمه الله.

فمن رام العلم؛ فليجعل مع قراءته كُنَّاشاً للمشكلات؛ فمتى ما توفرت فرصة للقاء عالم أو شيخ، سارع للسؤال؛ فاستفاد وأفاد.

غير أنه أشكل علي قوله: (ويُناقشهم عمَّا أشكل عليه في تأليفاته) وقلت كيف يستشكل ما في تأليفاته، وكتبه؟ وإذا كان قد استشكلها؛ فلم أثبتها؟

ومعلوم أن الذي يؤلِّف يودع في كتابه ما يراه صحيحاً؛ فبحثتُ هنا وهناك؛ لعلني أجد شرح ما أغلق في كتاب آخر؛ فلم أجد في بحثي!

فقلتُ: قد يكون تصحيفاً، ولكن تواطأت المصنَّفات على القول (بتأليفاته) وتارة (مصنَّفاته) فاندفعت شبهة التصحيف.

فلم يبق لي إلا أن أقول:

هذا من قبيل أن يكون قد أثبت أحسن ما عنده، ثم ناقشه غيره فيه؛ فبان وجه الاستشكال بعد أن كان خافياً؛ فجعل يستوثق أكثر وأكثر في ذلك كلما لاحت له فرصة في لقاء فقيه أو عالم؛ فيعمد بعد ذلك للتصحيح والتحرير.

أو أن هذه الاشكالات كانت أثناء تبييض المؤلَّفات؛ فقد يعرض له دليل يعارض ما ذهب إليه في تصنيفه؛ فيسأل أهل الفقه والنظر في الجواب عنه.

هذا ما ظهر لي.

فمن ظهر له توجيه غير هذا؛ فلْيَجُدْ به على أخيه.

والله أعلم وأحكم

وإلى ترجمة اخرى إن شاء الله.

ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[15 - 10 - 10, 12:11 ص]ـ

متابعة

الحمد لله، وبعد ..

9_ (89) أحمد بن يحيى بن زيد بن سيَّار الشيباني، الإمام العلامة المحدِّث شيخ اللغة والعربية، أبو العباس ثعلب (200 _ 291هـ)

1_ زاد العالم في الفُتْيا (فكيف بطالب العلم؟):

قال الداودي رحمه الله عنه: (وقال أبو عمر الزاهد:

سُئِل ثعلب عن شيءٍ؛ فقال: لا أدري.

فقيل له: أتقول (لا أدري) وإليك تُضربُ أكباد الإبل من كل بلد؟!

فقال: لو كان لأمِّك بعدد ما لا أدري بَعْرٌ لاستغنت.) (1/ 98)

قال مُقَيِّدُه غفر الله له:

وهذه نكتة جليلة القدر، عظيمة الخطْر.

وهذا هو نهج العلماء الربانيِّين من عهد الصحابة رضوان الله عليهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

فقلي بربك: فأي درس نستفيده إن خرجت من إمام العربية وشيخها.

لله درُّه رحمه الله.

يقول الشيخ العلاّمة عبد الرحمن السعدي رحمه الله: ((ومن أعظم ما يجب على المُعَلِّمين: أن يقولوا لما لا يعلمونه: ((الله أعلم)) وليس هذا بناقصٍ لأقدارهم، بل هذا مما يزيد قدرهم، ويُستدلُّ به كمال دينهم، وتحرِّيهم الصواب. وفي توقفه عمَّا لا يعلم فوائد كثيرة:

منها: أن هذا هو الواجب عليه.

ومنها: أنه إذا توقف وقال: الله أعلم، فما أسرع ما يأتيه علم ذلك من مراجعته أو مراجعة غيره؛ فإنَّ المتعلم إذا رأى معلمه قد توقف؛ جدَّ واجتهد في تحصيل علمها وإتحاف المعلم بها، فما أحسن هذا الأثر.

ومنها: إذا توقف فيما لا يعلم؛ كان دليلاً على ثقته وأمانته وإتقانه فيما يجزم به من المسائل، كما أن من عُرف منه الإقدام على الكلام فيما لا يعلم؛ كان ذلك داعياً للرَّيب في كل ما يتكلم به، حتى في الأمور الواضحة.

ومنها: أن المعلم إذا رأى منه المتعلمون التوقف فيما لا يعلم؛ كان ذلك تعليماً لهم وإرشاداً لهذه الطريقة الحسنة، والاقتداء بالأقوال والأعمال أبلغ من الاقتداء بالأقوال))

[الفتاوى السعدية ص (628 - 629)

ورحم الله العلاّمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي فقد كان كثيراً ما يمتثل قول القائل:

إذا ما قتلتَ الشيء علماً فقل به * * * ولا تقلِ الشيءَ الذي أنتَ جاهلُهْ

فمَنْ كان يهوى أن يُرى متصدراً * * * ويكره ((لا أدري)) أُصِبتْ مقاتلُهْ

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (1/ 53).

والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير