الوجه الثالث، أنه لو كان الخضر قبل نوح لركب معه في السفينة، ولم يَنقل هذا أحدٌ.
الوجه الرابع، أنه قد اتفق العلماء أن نوحاً لما نزل من السفينة مات من كان معه، ثم مات نسلهم، ولم يبق غير نسل نوح، والدليل على هذا قوله - سبحانه وتعالى -;: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ} [الصافات: 77] وهذا يبطل قول من قال إنه كان قبل نوح.
والوجه الخامس، أن هذا لو كان صحيحاً أن بشراً من بني آدم يعيش من حين يولد إلى آخر الدهر ومولده قبل نوح، لكان هذا من أعظم الآيات والعجائب، وكان خبره في القرآن مذكوراً في غير موضع لأنه من أعظم آيات الربوبية.
وقد ذكر الله - سبحانه وتعالى -; من أحياه ألف سنة إلا خمسين عاماً وجعله آية، فكيف بمن أحياه إلى آخر الدهر؟! ولهذا قال بعض أهل العلم: ما ألقى هذا بين الناس إلا شيطان.
والوجه السادس، أن القول بحياة الخضر قول على الله بلا علم، وذلك حرام بنص القرآن.
أما المقدمة الثانية فظاهره، وأما الأولى فإن حياته لو كانت ثابتة لدل عليها القرآن أو السنة أو إجماع الأمة، فهذا كتاب الله - سبحانه وتعالى -;، فأين فيه حياة الخضر؟ وهذه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -;، فأين فيها ما يدل على ذلك بوجه؟ وهؤلاء علماء الأمة، هل أجمعوا على حياته؟
الوجه السابع، أن غاية ما يتمسك به من ذهب إلى حياته، حكايات منقولة يخبر الرجل بها أنه رأى الخضر!!
فيا لله العجب، هل للخضر علامة يعرفه بها من رآه؟ وكثير من هؤلاء يغتر بقوله أنا الخضر، ومعلوم أنه لا يجوز تصديق قائل ذلك بلا برهان من الله، فأين للرائي أن المخبر له صادق لا يكذب؟
الوجه الثامن، أن الخضر فارق موسى بن عمران كليم الرحمن ولم يصاحبه، وقال له: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78]
فكيف يرضى لنفسه بمفارقته لمثل موسى ثم يجتمع بجهلة العباد الخارجين عن الشريعة الذين لا يحضرون جمعة، ولا جماعة، ولا مجلس علم، ولا يعرفون من الشريعة شيئاً، وكل منهم يقول:
قال الخضر!
وجاءني الخضر!
وأوصاني الخضر!
فيا عجباً له يفارق كليم الله سبحانه وتعالى ;، ويدور على صحبة الجهال، ومن لا يعرف كيف يتوضأ، ولا كيف يصلي!.
الوجه التاسع، أن الأمة مجمعة على أن الذي يقول أنا الخضر، لو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -; يقول كذا وكذا، لم يلتفت إلى قوله، ولم يحتج به في الدين؛ إلا أن يقال إنه لم يأت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ;، ولا بايعه أو يقول هذا الجاهل إنه لم يرسل إليه وفي هذا من الكفر ما فيه.
الوجه العاشر، أنه لو كان حياً لكان جهاده الكفار، ورباطه في سبيل الله، ومقامه في الصف ساعة، وحضوره الجمعة، والجماعة، وتعليمه العلم، أفضل له بكثير من سياحته بين الوحوش في القفار والفلوات وهل هذا إلا من أعظم الطعن عليه والعيب له".
انظر: المنار المنيف لابن القيم (67) بتصرف
وكذا كتاب أراء وروايات باطلة في سير الأنبياء. للشيخ عبد العزيز السدحان، وفيه جواب لفتوى لشيخ الإسلام في ذلك_ إن صحت _.
والله أعلم
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[15 - 10 - 10, 12:26 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
17_ (185) سعيد بن مَسْعدة، أبو الحسن الأَخْفَش (215 هـ)
1 _ مذهبه الاعتزالي:
قال الداودي رحمه الله عنه: (وكان معتزليَّاً) (1/ 191)
قال مُقَيِّدُه غفر الله له:
وسبب اعتزاله أنه لَزِم أستاذَه أبا شِمْر الحنفي المعتزلي (زعيم الشِّمْرية)؛ فتأثَّر به، وأخذ عنه الاعتزال، وقد قرَّر مذهبه في كتابه معاني القرآن؛ ولأجله ذكره المرتضى في كتاب طبقات الاعتزال ًصـ (131) ولم يذكر له قالات في الاعتزال تختصُّ به.
2_ بين الأَخْفَش الأَوسط والكِسَائي، مُنَاطَحَةُ عِلْمْ، وأَدبٌ جَمّ:
قال الداودي رحمه الله يحكي عن الأخفش قائلاً: (فوردت بغداد؛ فرأيت مسجد الكِسَائي؛ فصلَّيتُ خلفه الغداة؛ فلما انفتل من صلاته، وقعد بين يديه الفرَّاء، والأحمر، وابن سعدان، سلَّمتُ عليه وسألته عن مِئة مسألةٍ؛ فأجاب بجواباتٍ خطَّأتُهُ في جميعها؛ فأراد أصحابه الوثوبَ عليَّ؛ فمنعهم مني، ولم يقطعني ما رأيتُهم عليه مما كنتُ فيه.
ولما فرغتُ قال لي: بالله أنت أبو الحسن سعيد بن مسعدة؟
¥