(والواجب أن يكون أكمل الناس أدباً، وأشدُّ الخلق تواضعاً، وأعظمهم نزاهة وتديُّناً، وأقلهم طَيْشاً وغضباً؛ لدوام قرع أسماعهم بالأخبار المشتملة على محاسن أخلاقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وآدابه، وسيرة السلف الأخيار من أهل بيته وأصحابه، وطرائق المحدثين ومآثر الماضين؛ فيأخذوا بأجملها وأحسنها ويصدفوا عن أرذلها وأدونها.
إلى أن قال: عن أبي عاصم أنه قال: (من طلب هذا الحديث؛ فقد طلب أعلى أمور الدنيا، فيجب أن يكون خير الناس).
وقال: عن سفيان بن عينية أنه كان يقول: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر؛ فعليه تُعْرَض الأشياء، على خُلُقه، وسيرته، وهديه؛ فما وافقها فهو الحق، وما خالفها فهو الباطل) (1/ 79) بتصرف يسير
فيا أيها الطَّالب للعلم، المريد نفع نفسه، هذه قالات أهل العلم في العلم ومنفعته، فإيَّاك يا هذا أن يضرَّك علمك، فتحرم الخير الكثير، والأجر الكبير.
واعلم_ علّمني الله وإيَّاك _ أن أسباب مضرة العلم كثيرة (وحين توجد الأسباب، تتبعها النتائج؛ فتنفذ إرادة الله، و تحقُّ كلمته) (الظِّلال 4/ 2218):
ومن جملة الأسباب ما يلي:
1. عدم العمل بالعلم؛ لأن عدم العمل ذهاب للعلم. (هتف العلم العمل؛ فإن أجابه وإلا ارتحل) والعمل من أعظم مثبِّتات العلم.
وانظر توبيخاً نافعاً لمن رام نصح نفسه من العلامة السَّعدي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: (لِم تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُون) فطالعه، وكرِّره عند كل علم صغير وكبير، وخاطب نفسك به يُفِدْك كثيراً!
فمن لم يجرب ليس يعرف قدره * * * فجرِّب تجد تصديق ما ذكرناه
.
2. الحرص عن الشهرة وحب الظهور. وهذا داء فتَّاك، وسُمٌّ عُضال. وقد قيل: (حب الظهور، يُقصِم الظهور) وهذا في كل علم قُصِد به الدنيا، لا لله من علوم الشريعة الغراء.
3.السكوت عن فعل الباطل؛ لأن فيه سرعة انتشاره ولا نكير من أهل العلم والخير والصلاح؛ فقلي بربك: أيُّ منفعة لصاحب العلم بعلمه إن لم يُنْكِر على أهل الباطل باطلهم؟
4.مداهنة أهل الباطل سِيَّما أهل الرياسات والمناصب؛ خشية فوات فتات الدنيا، وهذا حال من تكون نفسه الطيبة الصالحة (الَّلوامة) تبين له في قرارة نفسه فساد فعله، وتقول له:
(هذا لا يجوز؟
وهذا فعل شائن بالدِّين.
وينبغي عليك الإنكار (وقد وثق بك فلان؛ فلا تسكت فيظن فعله مباحاً! بسكوتك)
لا تقعد معهم.
ويلك فِرَّ منهم!
و هو يكبح نصحها، ويدسُّ صوتها خشية أن يسمع نصحها أحد بجواره ويقول:
فيه خلاف!
المصلحة تقتضي هذا!
الضرورات تبيح المحظورات!
بعدين أنصحه!
بيني وبينه في السر (فالنصيحة على ملآ فضيحة كما يقول الإمام الشافعي!!)
أما سمعتي: تعمدني بنصحك بانفرادي .. )
ولكنك سرعان ما تراه ينخرط في صفوف أهل الباطل؛ مشاركاً، ونادباً، ومثنياً، وربما عازماً! نسال الله السلامة والعافية
نعوذ بالله من علماء السوء، وأهل السوء، ومن علم لا ينفع.
وارزقنا اللهم العلم النافع، والعمل الصالح.
فيا هذا قد نصحتك، والله حافظي وحافظك.
والسلام.
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[15 - 10 - 10, 12:40 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
سلمان بن ناصر بن عمران، بن ميمون بن مهران، أبو القاسم الأنصاري النَّيْسابوري (512هـ)
1_ العالم النِّحْرير:
قال الداودي رحمه الله عنه: (قال عبد الغافر: كان نحرير وقته في فنِّه)) (1/ 200)
قال مُقَيِّدُه غفر الله له:
فيه مسائل:
الأولى: من هو عبد الغافر الذي يَكثر ذكره، لا سِيَّما في تراجم النَّيْسابوريين؟
- هو أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، له: (تذييل تاريخ نيسابور)) ويذكر تارة: قال عبد الغافر، وتارة عبد الغافر الفارسي. انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر (21/ 477)
الثانية (معنى: النحرير):
قال ابن فارس في مادة (نحر): ((والعالم بالشّيء المجرِّب نِحْرِير، وهو إن كان من القياس الذي ذكرناه، بمعنى أنّه ينحر العلمَ نحراً، كقولك: قَتلتُ هذا الشَّيءَ عِلْماً)
وقال ابن الأثير في النهاية: (وفي حديث حذيفة [وُكِّلَت الفِتْنَة بثلاثةٍ: بالحادِّ النِّحْرير] هو الفَطِنُ البصيرُ بكل شيء)) (5/ 28)
¥