ـ[ابو عبد الله محمد بن فاروق الحنبلي]ــــــــ[02 - 04 - 09, 07:57 ص]ـ
الذي قال ذلك ربي وربك ((ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير))، وأما الحديث الذي ذكرت فذلك فيه حكم على النوايا، والحمد لله أن النوايا لم توكل إلى أحد من المخلوقين، وأعتقد أنك لا تستطيع أن تحكم علي إذا كنت قد قرأت جيدا علم الجرح والتعديل أم لا، فما كان أي علم من العلوم بالدعوى فقط، وأنا أقل خلق الله شأنا، ولكن نصيحتي لك أن لا تشتد على أحد من عامة المسلمين هذه الشدة، فضلا عن أن يكون مثل من ذكرت من الأئمة الذين نقلوا القرآن، ولولا هؤلاء الذين زعمت أنهم على خطر شديد لضاعت أسانيد القرآن، فحفظ الله بهم القرآن، في وقت كان واحد من أعاظم الناس في العلم الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ يرحمه الله تلميذا لواحد من هؤلاء الذين ناصبتهم العداء غفر الله لك، وفكر فيما يجمع هذه الأمة لا فيما يفرقها، وأخيرا يؤلمني أن تكون حال أمة محمد على هذه الفرقة والتشرذم، جمع الله كلمة المسلمن على ما يرضيه، ثم اعلم وإن كنت لا أعرفك فأنا أحبك في الله، دامت أخوتنا في الله ولله.
صدقت: ربي وربك الله سبحانه وتعالى
وجزاك الله خيراً على حبك لي في الله تعالى، وأحبك الذي أحببتني من أجله.
ثانياً: أحي في الله تعالى، لقد قلت باللفظ
يا إخوان ظالمهم مغفور له
فقلت: من قال هذا؟ فذكرتَ: ربي وربك فقلتُ: صدقت.
ولكن أخي العزيز: الله عز وجل عندما قال: فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله
انظر أخي في الله تعالى إلى كلام صاحب أضوآء البيان:
قال تعالى:
{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}
هذه من الآيات الدالة على فضل الله ومنته وأنه منّ على ناس بهدايتهم للإسلام، فمن شاء هدايته من هذه الأمة؛ فقد اصطفاه، والمصطَفون من هذه الأمة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
1) الظالمين لأنفسهم
2) المقتصدين
3) السابقين بالخيرات
وهذه الآية تعتبر من آيات الرجاء كونها تدل على أن كل مَن هداه الله للإسلام فمآله إلى الجنة ولو ناله ما ناله من العذاب بسبب ظلمه لنفسه.
قال الشيخ الشنقيطي في "أضواء البيان" في تفسير: {ومنهم أمة مقتصدة .. }
أهل الكتاب قسمان:
طائفة منهم مُقتصدة في عملها،
وكثير مِنهم سيئ العمل،
وقسّم هذه الأمة إلى ثلاثة أقسام في آية أخرى وهي قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات بِإِذُنِ الله ذَلِكَ هُوَ الفضل الكبير} [فاطر: 32] ووعد الجميع بالجنة بقوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [فاطر: 33].
وذكر القسم الرابع: وهو الكفّار منها بقوله تعالى {والذين كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ} [فاطر: 36] الآية.
فمِن فضل الله على هذه الأمة أن قسمها ثلاثة أقسام وكل هذه الأقسام – بإذن الله – في جنات عدن -.
وأظهر الأقوال في المقتصِد، والسابِق، والظالم، أن:
المقتصد هو من امتثل الأمر، واجتنب النهي، ولم يزِد على ذلك، وأن
السابق بالخيرات هو من فعل ذلك، وزاد بالتقرب إلى الله بالنوافل، والتورُّع عن بعض الجائزات، خوفاً من أن يكون سبباً لغيره، وأن
الظالم هو المذكور في قوله تعالى: {خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102] الآية، والعلم عند الله تعالى". انتهى من كلام صاحب " أضواء البيان".
وله كلام في شرح سورة النور استطرد فيه فقال في قوله تعالى: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة}:
¥