10ـ جاء في شرح الزركشي ([210]) عند مسألة التيمم لكل صلاة ما نصه: «هذا هو المذهب المشهور، المعمول به ـ عند الأصحاب ـ من الروايات. مع أن القاضي في التعليق لم يحك به نصاً، وإنما قال: أطلق أحمد القول في رواية الجماعة: أبي طالب، والمَرُّوذِي، وأبي داود، ويوسف بن موسى أنه يتيمم لكل صلاة، ومعناه: لوقت كل صلاة ... ».
11 ـ ما جاء في القواعد والفوائد الأصولية ([211]) في مسألة طلاق الصبي: « ... عن أحمد ـ رحمه الله ـ في ذلك روايتان. إحداهما لا يقع حتى يبلغ. نقل أبو طالب: لا يجوز طلاقه حتى يحتلم. والأصحاب على وقوع طلاقه. وهو المنصوص عن الإمام في رواية الجماعة. منهم صالح، وعبد الله، وابن منصور، والحسن بن ثواب ([212])، والأثرم، وإسحاق بن هانئ، والفضل بن زياد، وحرب، والميموني».
12 ـ جاء في الإنصاف ([213])، حين ذكر رواية من ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فهو غني قال: «ونقلها الجماعة عن أحمد، قلت: نقلها الأثرم، وابن منصور، وإسحاق بن إبراهيم، وأحمد بن هاشم الأنطاكي ([214])، وأحمد بن الحسن ([215])، وبشر بن موسى ([216])، وبكر بن محمد، وأبو جعفر بن الحكم ([217])، وجعفر بن محمد ([218])، وحنبل، وحرب، والحسن بن محمد ([219])، وأبو حامد ابن أبي حسان ([220])، وحمدان الوراق، وأبو طالب، وابناه: صالح وعبد الله، والمَرُّوذِي، والميموني، ومحمد ابن داود ([221])، ومحمد بن موسى، ومحمد بن يحيى ([222])، وأبو محمد مسعود ([223])، ويوسف بن موسى، والفضل بن زياد».
وبعد، فأنت أيها القارئ الكريم، تلحظ من خلال النصوص الآنفة، تظافرها في الدلالة على أن هذا المصطلح (رواه الجماعة) لا يراد به التحديد بعدد مقدر ومعدود معين لا يختلف عنهما بحال، وهي من الوضوح والبيان بمكان لا يتطرق إليه شك أو احتمال في الجملة، وهذا أمر لا يحتاج إلى تطويل ومزيد تقرير، وبخاصة أن الأصحاب اعتمدوا كتب الخلال مصدراً لعلوم أحمد وفقهه، وساروا ـ كما ظهر أثناء النقول المتقدمة ـ سيره في التعبير به وفق منهجه الذي سبق بيانه.
قال ابن الجوزي عن الخلال وكتبه ([224]): «كل من تبع هذا المذهب يأخذ من كتبه».
وقال ابن بدران ([225]) في المدخل ([226]): « ... ومن ثم كان جامع الخلال هو الأصل لمذهب أحمد، فنظر الأصحاب فيه، وألّفوا كتب الفقه منه».
الفصل الخامس: فائدة التعبير به.
يظهر ـ والله أعلم ـ أن الخلال أراد أن يجعله من الدلائل التي يستفاد منها معرفة مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في المسألة.
يقول أبو بكر الخلال ([227]): « ... ولأن بعض من يظهر أنه يقلد مذهب أبي عبد الله ربما كنا معهم في مؤنة عظيمة من توهمهم للشيء من مذهب أبي عبد الله، أو تعلقهم بقول واحد، ولا يعلمون قول أبي عبد الله من قبل غير ذلك الواحد، وأبو عبد الله يحتاج من يقلد مذهبه أن يعرفه من رواية جماعة ... ».
ومما لا شك فيه أن معرفة مذهب الإمام أحمد ورأيه في المسألة يحتاج إلى سبر لما رواه تلاميذه عنه فيها، فلا يعول على رواية دون الاطلاع على سائر الروايات عنه، ومن ثم يجزم بأنها مذهبه.
ومما يعرف به مذهب الإمام كثرة من نقل الرواية عنه وهو ما يسمى (بالجماعة)، قال ابن تيمية ([228]): «وما انفرد به بعض الرواة عن الإمام وقوي دليله فهو مذهبه، وقيل: لا، بل ما رواه جماعة بخلافه».
وقال المرداوي ([229]): «وما انفرد به بعض الرواة وقوي دليله، فهو مذهبه» ([230]). وصحَّح هذا القول فقال ([231]): «وهو الصحيح قدمه في الرعايتين وآداب المفتي، والشيخ تقي الدين في المسودة، واختاره ابن حامد ([232])، وقال: يجب تقديمها على سائر الروايات؛ لأن الزيادة من الثقة مقبولة في الحديث عند الإمام أحمد، فكيف والراوي عنه ثقة خبير بما رواه. قلت: وهو الصواب ([233]). والوجه الثاني: لا يكون مذهبه، بل ما رواه الجماعة بخلافه أولى. اختاره الخلال وصاحبه؛ لأن نسبة الخطأ إلى الواحد أولى من نسبته إلى جماعة، والأصل اتحاد المجلس.
قلت: وهذا ضعيف، ولا يلزم من تقديم ذلك خطأ الجماعة، وانفراده بذلك يدل على تعدد المجلس، وكونهما في مجلسين أولى للجمع وعدم الخطأ، ويحتمل أن يتحد المجلس ويحصل ذهول أو غفلة والله أعلم» ا. هـ.
¥