تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يخالف الحق ـ فلله الحمد والمنة.

وقد دلت السنة على توقيت رمي الجمرات أيام التشريق بما بعد زوال الشمس من وجوه:

"أحدها " ما رواه البخاري في صحيحه، حدثنا أبو نعيم إلى آخر ما ساقه هذا الرجل إسناداً ومتناً () وقد عرفت دلالته على التوقيت.

"الثاني" ما رواه الجماعة عن جابر رضي الله عنه قال:" رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضُحى،وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس".

"الثالث" ما رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، قال الترمذي: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي البصري، حدثنا زياد بن عبد الله، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمار إذا زالت الشمس".

" الرابع " ما رواه مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول:" لا تُرمى الجمرة حتى تزول الشمس" وقد تقدم.

" الخامس" ما رواه أحمد وأبو داود،عن عائشة رضي الله عنها قالت:" أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق، يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى والثانية فيطيل القيام ويتضرع ويرمي الثالثة ولا يقف عندها ".

قوله: وأما قولهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس يوم العيد من أجل أنها تحية منى. فهذا التعليل لا أصل له شرعاً.

يقال: حدى هذا الرجل على اعتراض الفقهاء في هذا التعليل ظنه أن ذلك تعليل لرمي جمرة العقبة يوم النحر قبل الزوال وهم لم يعللوا بها لذلك، ولم يخطر ببالهم أن أحداً يجوز رمي جمرات أيام التشريق قبل الزوال بصفة الحث على الأخذ بذلك حتى يعللوا رمي جمرة العقبة يوم النحر ضحى بهذا التعليل،وإنما عللوا بذلك بداءته صلى الله عليه وسلم برمي جمرة العقبة قبل نزوله وقبل النحر والحلق، وحينئذ يعلم غلط هذا الرجل على الفقهاء لفظاً ومعنى، وسوء تصوره،وأنه من شدة وجله في سلوك هذا الطريق، وفلسه في العلم والتحقيق، يحسب كل صيحة عليه، فسعى في إبطال هذا التعليل بما لا يجدي عليه شيئاً عند التحصيل، فقال: وبطلان هذا التعليل واضح بالدليل. يريد حديث " فما سئل يومئذ عن شيء قدم أو أخر إلا قال: افعل ولا حرج".

فيقال:" أولاً ": أين إبطال ما تقدم من التعليل من هذا الدليل؟

أدل على هذا بمنطوقه؟ أو بمفهومه؟ أو غيرهما من أوجه الدلالة؟ ويقال له:" ثانياً" إن لم يكن في هذا الحديث دليل على صحة ذلك التعليل لم يكن فيه ما يبطله، بل هو على إثباته أدل منه على نفيه. ولا يرد على هذا جوابه صلى الله عليه وسلم عن التقديم والتأخير يومئذ بقوله" افعل ولا حرج" إما لكون ذلك في حق من لم يشعر، أو مطلقاً، إذ لا يدل نفي الحرج على استواء التقديم والتأخير، بل السنة المستقرة أنه يرمي أولاً، ثم ينحر ثانياً، ثم يحلق ثالثاً. فأين عمل استقرت به السنة من فعل يعذر صاحبه لأجل الجهل أو أحسن أحواله نفي الحرج عن فاعله؟! شتان ما بينهما.

قوله: وأما قولهم: إنه خلاف فعل النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: حاشا أن نخالف في سنة من سنن الدين، أو أن نتبع غير سبيل المؤمنين، فقد رمى النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه يوم النحر قبل الزوال، ثم رمى بقية الأيام بعد الزوال،وفعله في الأول كفعله الآخر، و (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) ().

يقال: لقد كفانا هذا الرجل مؤونة الرد عليه، فقف وانظر وتأمل واعتبر وزن بذلك علم هذا الرجل وعقله، فإنه جعل مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غايرت بين وقت رمي الجمرة يوم النحر وبين رمي جمرات أيام التشريق، فرمى صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى، ورمى جمرات أيام التشريق بعد زوال الشمس، ولا يكون الحاج عاملاً بقوله تعالى ?لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة? حتى يفعل كما فعل صلى الله عليه وسلم من رمي جمرة العقبة يوم النحر ضحى ورمي ما عداها بعد الزوال، والمسوي بينهن برميهن كلهن قبل الزوال هو عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعزل. والمقام في الحقيقة غني عن أن يقرر فيه مثل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير