تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: لا بأس به؛ رواه ليث عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه " أن ابن مسعود كان يرفع يديه في القنوت ".

قال: قلت لأبي: يمسح بهما وجهه؟

قال: أرجو أن لا يكون به بأس!

قال لنا أبو عبد الرحمن (عبد الله بن أحمد): لم أر أبي يمسح بهما وجهه.اهـ

قال العلامة ابن القيم رحمه الله في " بدائع الفوائد " (5/ 214): فقد سهل أبو عبد الله – يعني الإمام أحمد - في ذلك و جعله بمنزلة مسح الوجه في غير الصلاة، لأنه عمل قليل و منسوب إلى الطاعة. واختيار أبي عبد الله تركه.اهـ و هذا يعني أن الإمام أحمد لا ينكر المسح خارج الصلاة. فتأمل! بل في " مسائل الكوسج " (2/ 820): ... و لا يمسح بهما وجهه في شيء من الصلوات، إنما يستحب مسح الوجه بعد الدعاء.اهـ و في " الإنصاف " للمرداوي (2/ 173): يمسح وجهه بيديه خارج الصلاة إذا دعا، عند الإمام أحمد. ذكره الآجري و غيره. و نقل ابن هانيء عن أحمد (رفع يديه ولم يمسح). وذكر أبو حفص أنه رخص فيه.اهـ قلت: ما ذُكر عن ابن هانيء لا يدل على أكثر من جواز الترك!

و كذلك ما نُسب للإمامين النووي و البيهقي رحمهما الله و غيرهما من العلماء، إنما هو في حق دعاء القنوت.

و اعلم أن المسح عقيب الدعاء وارد في السنة من غير وجه؛ فقد أخرج الطبراني في " الأوسط " (2601)، و أبو عوانة في " المستخرج " (2034): من طريق عمران القطان عن الحسن عن أنس رضي الله عنه قال:

" أصاب أهل المدينة قحط و مجاعة شديدة، فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر، فخطب يوم الجمعة، فقام ناس فقالوا: يا رسول الله هلكت الأموال و خشينا الهلال على أنفسنا و غلا السعر و قحط المطر، أدع الله أن يسقينا! قال أنس: و ما أرى في السماء من بيضاء! فمد يده - صلى الله عليه و سلم - فدعا فوالله ما ضم إليه يده حتى رأيت السحاب يجيء من ها هنا و من ها هنا، و صارت ركاما! ثم سالت سبعة أيام حتى و الله إن الرجل الشاب ليهم أن يرجع إلى أهله من شدة المطر! فلما كانت الجمعة الأخرى، و خطب النبي صلى الله عليه و سلم، قام ناس من المسجد فقالوا: يا رسول الله! تهدمت البيوت و انقطعت الطرق، ادع الله أن يحبسها عنا! فرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم تبسم، فرفع يديه فقال: حوالينا و لا علينا! قال أنس: فما أرى في السماء من خضراء، فلا و الله ما قبض يده حتى رأيت السماء تتقطع من ها هنا و ههنا عن المدينة فأصبحت و إن ما حولها كور! "

قلت: عمران القطان، قال البخاري: صدوق يهم. و قد استشهد به في " صحيحه " و روى له في " الأدب المفرد ".

و له متابعة عند الطبراني في " الأوسط " (592) من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن و ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه، و لفظه:

" ... فرفع رسول الله يديه إلى السماء و لا و الله ما نرى في السماء بيضاء، و لا و الله ما قبض يده حتى رأيت السماء تشقق من ها هنا و ههنا حتى رأيت ركاما! فصب سبع ليال و أيامهن من الجمعة إلى الجمعة الأخرى، و السماء تسكب فقالوا: خشينا الغرق فادع لنا ربك أن يحبسها! فرأيت رسول الله رافعا يديه و ما نرى في السماء من خضراء فقال: اللهم حوالينا و لا علينا. قال: فوالله ما قبض يده حتى رأيت السماء تصدع! ".

قلت: المبارك بن فضالة يُحتَج بروايته عن الحسن إلا أنه مدلس و قد عنعن ههنا.

و الحديث رواه البخاري في " صحيحه " (891) من وجه آخر عن أنس، و لفظه:

" ... فرفع يديه و ما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده ما وضعهما حتى ثار السحاب أمثال الجبال! ... إلخ "

و هذا لا يعارض ما تقدم و لا ينفيه، لأنه مجمل، و قد بيّنته الروايات السالفة. و الله أعلم.

و من شواهد ما تقدم، ما رواه ابن بشران في " أماليه " (154) و أبو عبد الله الدقاق في " مجلس في رؤية الله " (154) من طريق عبد الله بن لهيعة عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أنس بن مالك رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل المسجد و نحن نذكر، فلما رأيناه أعظمناه، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إن الله عز و جل جواد كريم، يستحيي من العبد المسلم أن يمد يديه إليه ثم يقبضهما من قبل أن يجعل فيهما ما سأله»

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير