تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكانت هناك نتائج يتناقلونها عن زمن حدوث الكسوف والخسوف وغير ذلك من رصد حركة الشمس والقمر ... واليوم الأمر يختلف كثيرا عما مضى من عدة جوانب ... تبدأ من طرق الحساب إلى وسائله ... وفي المسألة المعنونة " بإمكانية الرؤية " قد جعلوا في اعتبارهم عدة عوامل لم يأخذها من مضى في حسبانه ... فكانت النتائج مذهلة والحمد لله ... وإن لم يزعموا أنهم وصلوا إلى يقين في بعض الحالات ... وكذلك من حيث توافر عدد الحاسبين وعلماء الهيئة اليوم قد اختلف الحال، فقد أصبحت هناك جامعات متخصصة في هذا المجال، أو أقسام في الجامعات، تخرج منها عدد كبير من شداة هذا العلم ... و وهناك كذلك مراكز علمية وهيئات متخصصة تحت مسميات مختلفة ... أشهرها اسم " مركز الاستشعار عن بعد " يقوم برصد حركة الأحوال الجوية ... وحركة الأفلاك ومنها الشمس والقمر ... ومن ذلك أنك تجد برامج معدة سلفا عن حركة الكواكب ... يكفيك أن تمدها بحيثيات محددة فتخبرك بما تريد عن موقع القمر أو الشمس وأين يرى في تلك اللحظة ... وفي أي منزلة هو ... وكم زاوية بعده عن الأرض ... ونسبة الإضاءة فيه ... الخ كل ذلك جاهز لعشرات السنين بل ربما مئات ... ومن شك في هذا قيد أنملة فليأخذ هذه النتائج أو بعضها وليطابقها على الواقع مرات ومرات فيما يستطيع أن يرصده بعينه المجردة أو بالاستعانة بالمكبرات أو ببعض إخوانه ثم ينظر بماذا يرجع ... الخلاصة أننا اليوم أسعد حالا بهذه العلوم التي تبين بديع صنع الله ... وجمال خلقه ... وصدق قوله سبحانه في إخبارنا عن دقة حركة هذه الأفلاك وسلامتها من كل عوج واختلاف ... وأنها تسير دائبة في حركة متناسقة متتابعة دقيقة بأمره سبحانه لا تحيد عما أمرها الله به قيد أنملة ... وذلك لحكم عظيمة ... منها لنعلم عدد السنين والحساب ... كي نؤدي ما أمرنا الله به من عبادات مؤقتة بميعاد محدد في الوقت الذي أراده الله ... فانظر - رعاك الله - هل يحيلنا ربنا على شئ يتخلف في سيره ولا ينضبط؟ أم تراه يحيلنا على ما يصعب علينا معرفة سيره و يشق علينا رصد حركته فنضطرب في أداء ما فرضه علينا مؤقتا بوقت لا يجوز أن نخالفه؟

الثاني: قوله في كلامه الذي نقلته عنه: (وإنما سكت الفقهاء عنها لأنها نادرة الوقوع)

يفهم منه أنه كان هناك من أهل العلم من يقارن بين نتائج الحسابات الفلكية وشهادة الشهود , وإلا فكيف أمكن العلم بأن وقوع التعارض بين شهادة الشهود في الرؤية والحسابات الفلكية القطعية كان نادرا في السابق؟

وهذا- أعني مقارنة العلماء بين نتائج الحسابات الفلكية وشهادة الشهود- يحتاج إلى إثبات , فليس هناك –في حد علمي – مايشعر بإحاطة الفقهاء بالحسابات الفلكية ومقارنتهم إياها بشهادة شهود الرؤية مع القطعية المدعاة في علم الفلك ...

عدم علمنا لا يدل - وفقك الله - على عدم وجوده ... ثم إن العلامة السبكي ربما احتاط فلم ينف وقوع ذلك البتة ... لأنه ربما وقع وما بلغه خبره وليس مما يستحيل ... ولذا جعله نادرا ... والنادر لا حكم له ... ومن عادة من تحقق بالعلم عدم نفي ما لم يحط به علما ... ورحم الله العلامة السبكي لو كان يعلم بما يجري في زماننا لكان له قول غير ذلك إذ أصبح النادر في وقته وقبله ... هو الأصل عندنا للأسف الشديد ... ولا ينبئك مثل خبير.

والمقارنة بين شهادة الشهود والحسابات الفلكية فعلا يصعب إيجاد أمثلة لها قبل زمان السبكي ... وذلك لأسباب عدة ... من أقربها أن الريبة كانت منتفية إجمالا والناس على السلامة خصوصا فيما تقادم من الزمن .. مع الخبرة بمطالع الهلال ... وحاجة الناس لمعرفة التاريخ لأمورهم الدينية والدنيوية ... فما كانت تتوفر الروزنامات المسبقة في مثل زماننا مما يتعلق بمواقيت الصلاة وغيرها ... ثم إن جماعة من الفقهاء كانوا يعتقدون ظنية الحسابات وأنها حدس وتخمين ... وربما عذرناهم في ذلك لحال زمانه وثقافتهم إذ ذاك ... وجماعة منهم خلطت بين علم الهيئة والتنجيم المذموم ... فكان إصرارهم على نفي الحسابات الفلكية أشد ... وقد وقع لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - شئ من ذلك يشعر به كلامه في هذه المسألة لمن تأمله ... ربما دفعه إليه حياطة الشريعة بسور متين من العقيدة الصحيحة السلمية، وبيان حقيقة هذه العلوم وطرق إفادتها العلم، وإلى أي حدّ وصلت في ذلك اجتهادًا منه – رحمه الله – يؤجر عله أعظم الأجر إن شاء الله ... سدا لذرائع الشرك والجهل الذي كان قويا في زمانه وقبله باعتقاد جماعة من أهل التنجيم في صحة جهالاتهم الباطلة في استشراف الغيب باستعمال التنجيم ... واعتقادهم بتأثير الكواكب على الأرض وسكانها من خلال رصد حركتها ومواقعها في السماء ... فضلوا وأضلوا وأدخلوا على هذه العلوم الفساد والشك فتم رفض الحق والباطل جميعا من قِبل بعض الفقهاء ... تماما مثلما يفعل بعضنا الآن مع الحضارة الغربية ... وما هكذا يكون العدل والإنصاف.

ومرحبا بك أخي الكريم ... وبمباحثتك ... فالهدف الخضوع لسلطان الشرع بمعرفة الحق وإتباعه ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير