تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(جاء إلى علي رضي الله عنه رجل وامرأة ومع كل واحد منهما فِئامٌ –جماعة- من الناس فقال عليٌّ: (ابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها)، ثم قال للحكمين: (أتدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأتيما أن تفرقا فرقتما) فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله ليَ وعليَّ، وقال الرجل: أما الجمع فنعم وأما الفرقة فلا، فقال عليٌّ: (كذبت لا والله لا تبرح حتى ترضى بكتاب الله لك أو عليك)) فنلاحظ أن علياً احتاج إلى رضاهما، ويشهد للثاني قوله تعالى: (فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها) النساء35، والخطاب لغير الزوجين وسماهما الله تعالى حكمين.

فعلى الأول أنهما حكمان يشترط رضاهما فيوكِّل الزوج حكَمَه بطلاق وقبول عوض خلع وتوكل حكمها ببذل عوض وقبول طلاق به أي بالعوض وعلى قول أنهما موليان من الحاكم لا يشترط رضا الزوجين ببعث الحكمين.

? كتاب الخلع ?

وهو بالضم والفتح وهو النزع لأن كل من الزوجين لباس للآخر وأصله قبل الإجماع قوله تعالى: (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) البقرة229. وخبر البخاري عن ابن عباس (أنه صلى الله عليه وسلم قال لثابت بن قيس وقد سألته زوجته يطلقها على حديقتها التي أصدقها إياها: (خذ الحديقة وطلقها تطليقةً)) وهو أول خلع في الإسلام.

والخلع هو فُرقة بعوض بلفظ طلاق أو خلع كقوله طلقتك أو خالعتك على كذا فتقبل شرطه زوج يصح طلاقه بأن يكون بالغاً عاقلاً مختاراً فلو خلع عبدٌ أو محجور عليه بسفه صح لتحقق الشروط فيهما ولو بغير إذن السيد والولي ووجب دفع العوض إلى مولاه ووليه ليبرأ الدافع منه ويملكه السيد كسائر أكساب العبد وكذلك يصح خلع المفلس لأن خُلْعَهُ لا يؤثر في المالية فيتضرر الغرماء.

وشرط قابله أي الخلع من زوجة أو أجنبي إطلاق تصرفه في المال بكونه مكلفاً غير محجورعليه وللحجر أسباب خمسة: الرق والسفه والمرض والصبا والجنون فالخلع مع الصبا والجنون لغو فإن اختلعت أمةٌ بلا إذن سيد بدين في ذمتها لأنها لا تملك أو عَيْنِ مالِهِ أو مال غيره بانت لوقوع الخلع يعوض وللزوج في ذمتها مهر مثل يتبعها به بعد العتق في صورة العين أي بدل العين لأن المقصود هو مهر المثل وفي قول قيمتها أي قيمة العين إن كانت متقومة. وفي صورة الدين المسمّى حيث يصح التزام الرقيق بطريق الضمان ويُتْبَعُ به بعد العتق واليسار. وفي قول مهر مثل وهو المشهور ويفسد المسمى لأنها ليست أهلاً للإلتزام. وإن أذن السيد وعين لها من ماله عيناً له أو قدّر ديناً فامتثلت تعلق الزوج بالعين وبكسبها في الدين وبما في يدها من مال التجارة إن كانت مأذونة كما في مهر العبد في النكاح وإن أطلق الإذن اقتضى مهر المثل من كسبها فإن خالعت بمهر مثلها أو أقل من ذلك في كسبها صح الخلع وإن اختلعت على أكثر من مهر مثلها صح وكان مهر مثلها في كسبها وكانت الزيادة على مهر مثلها في ذمتها بعد أن تعتق.

وإن خالع سفيهة أو قال طلقتك على ألفٍ فقبلت طلقت رجعياً ولغا ذكر المال لأن السفيه ليست من أهل الالتزام ولا تسقط الرجعة لأنها من حق الزوج فإن لم تقبل لم تطلَّق لأن الصيغة تقتضي القبول فهي كالطلاق المعلق. ويصح اختلاع المريضة مرض الموت وإن كن بأكثر من مهرها أو بمهر مثلها لأن لها الحق بالتصرف في مالها ولا يحسب من الثلث إلا زائد على مهر مثل بل هو من رأس المال وما زاد فهو تبرع فيحسب من الثلث ورجعية في الأظهر لأنها زوجته لا بائنٍ لأنها ليست زوجته ويصح عوضه قليلاً وكثيراً ديناً وعيناً ومنفعة كالصداق ولو خالع بمجهول أو خمر بانت بمهر المثل لأن المرجع إلى مهر المثل عند فساد العوض وفي قول ببدل الخمر وهو قدرها من العصير ولهما التوكيل الزوج والزوجة فلو قال لوكيله خالعها بمائة لم ينقص منها وله أن يزيد ما لم ينهه عن الزيادة. وإن أطلق الإذن لم ينقص عن مهر مثل لأنه المرجع فإن نقص فيهما بأن خالع بدون المائة في الأولى وبدون مهر المثل في الثانية لم تطلَّق لمخالفته للمأذون به وفي قول يقع بمهر المثل لفساد المسمّى بنقصه عن المأذون به وهو الراجح لصريح الإذن في الخلع.

ولو قالت لوكيلها إختلع بألف فامتثل نفذ وكذا لو إختلعها بأقل من ألف وإن زاد فقال اختلعتها بألفين من مالها بوكالتها بانت ويلزمها مهر المثل لفساد المسمّى بزيادته على المأذون فيه وفي قول الأكثر منه أي مهر المثل وما سمته للوكيل لرضاها بما سمته زائداً على مهر المثل وإن أضاف الوكيل الخلع إلى نفسه بأن قال من مالي نخلعُ أجنبي وهو صحيح والمال عليه لأن إضافته إلى نفسه إعراض عن التوكيل وإن أطلق فالأظهر أن عليها ما سمت وعليه الزيادة لأنها لم ترضَ بالزيادة فكأنه افتداها بما سمته وزيادة من عنده ويجوز توكيله أي الزوج في الخلع ذمياً وعبداً محجوراً عليه بسفه لأنه لا يتعلق بوكيل الزوج من الخلع عُهْدَةٌ بخلاف وكيل الزوجة فإنه يتعلق به عهدة كما مرَّ ولا يجوز توكيل محجور عليه بسفه في قبض العوض عيناً كان أو ديناً لأنه ليس أهلاً لذلك والأصح صحة توكيله امرأةً بخلع زوجته أو طلاقها لأنه يجوز له أن يوكل امرأته بتطليق نفسها بقوله لها طلقي نفسك فهو توكيل أو تمليك فإن كان توكيلاً فجاز وإن كان تمليكاً فمن جاز تمليكهه الشيء جاز توكيله فيه. ولو وكَّلا رجلاً تولى طرفاً واحداً فقط من أحد الزوجين كما في البيع والنكاح وقيل الطرفين لأن الخلع يكفي فيه اللفظ من أحد الطرفين كما لو تلقَ الخلع بأن تدفع له مبلغاً من المال أو عيناً معينة فدفعت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير