تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

**أما الوصية الثالثة: فيا حبذا ويا طوبى لمن استقبل هذا الشهر بالتوبة إلى الله والإنابة إلى الله، فإن الله يحب التوابين، والله يفرح بتوبة عبده فيدخل إلى شهر رمضان، منكسر القلب، منيبا إلى الله -جل وعلا- يحس بعظيم الإساءة، وعظيم التقصير والتفريط في جنب الله، ويقول بلسان حاله ومقاله: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله، فإذا استقبلت رمضان وأنت منكسر القلب؛ غيرت ما بك فغير الله حالك {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم} والسبب في استقبال رمضان بالتوبة والإنابة إلى الله أن الرحمة قد يحال بين العبد وبينها بسبب ذنب، فمن شؤم الذنوب والمعاصي أنها تحول بين العبد وبين رحمة الله؛ وفي الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة)) أي أن الله يفتح أبواب رحمته فيرحم من يشاء بفضله ومنه وكرمه، فإذا أريت الله من نفسك التوبة والإقلاع وأنبت إلى الله سبحانه فأنت أحرى برحمة الله وأحرى بأن يلطف الله –عز وجل- بك، وأن يبلّغك فوق ما ترجو وتأمل من إحسانه وبره.

**وأما الأمر الرابع تحقيقا لهذه التوبة أن تتحلل من المظالم فيما بينك وبين الله، وفيما بينك وبين عباد الله، ويا طوبى لمن دخل هذا الشهر وليست بينه وبين الناس مظلمة، وليس على ظهره حقوق ولا آثام لإخوانه المسلمين ندخل إلى شهر رمضان بالمحبة والإخاء والمودة والصفاء والنفوس منشرحة والقلوب مطمئنة، ندخل كما أمر الله إخوة في الإيمان، أحبة في الطاعة والإسلام، فإنه إذا وقعت الشحناء؛ حجبت العبد من المغفرة قال- صلى الله عليه وسلم -: ((يقول الله تعالى: أنظرا هذين حتى يصطلحا)) أي لا تغفرا لهما حتى يصطلحا.

فتذكر ما بينك وبين أقاربك خاصة إخوانك وقرابتك الإخوان والأخوات والأعمام والعمات وآل كل والقرابات تتذكر ما لهم من حقوق وما لهم عندك من مظلمة، فتحلل منها، وتسألهم الصفح والعفو، وتستقبل شهرك وأنت منيب إلى الله –سبحانه وتعالى- ليس بينك وبين الناس مظالم تحول بينك وبين الخير.

ومن أعظم ذلك كما ذكرنا القطيعة والمحروم من حرم، فإن خير الناس من ابتدأ بالسلام بعد وجود القطيعة والخصام؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) فيفكر الإنسان حينما يقدم على رمضان كيف يصلح ما بينه وبين الله، وما بينه وبين الناس؛ قال-تعالى-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} كذلك أيضاً يدخل الإنسان إلى رمضان ويهيئ من نفسه بواعث الخير والدوافع التي تحمله على الطاعة والبر، ومن أعظم ذلك أن يحس من قلبه كأن هذا الرمضان هو آخر رمضان يعيش فيه، وما يدريه فلعل مرضاً يحول بينه وبين الصيام فيكون ذلك اليوم أو ذلك الشهر هو آخر ما يصوم، أو لعل المنية تخترمه، فكم من إخوان وأحباب وخلان وأصحاب وجيران كانوا معنا في العام الماضي، وقد مضوا إلى الله، وأصبحوا رهناء الأجداث والبلى، غرباء سفر لا ينتظرون، فالسعيد من وعظ بغيره، فإذا دخلت إلى رمضان وأنت تستشعر كأن هذا الشهر هو آخر شهر تصومه أو آخر شهر تقومه؛ قويت نفسك على الخير، وهانت عليك الدنيا، وزهدت فيها، وأقبلت على الآخرة وعظمتها.

ومن أعظم الأسباب التي تنكسر بها قسوة القلوب الزهد في الدنيا والإعظام للآخرة، ولا زهد في الدنيا إلا بقصر الأمل، فحينما تحس أن هذا رمضان قد يكون آخر رمضان لك وآخر شهر تعيشه دعا ذلك إلى إحسان العمل وإتقانه.

- نسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأن يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأن يصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، وأن يبلغنا رمضان مع صفح وعفو وبر وغفران، ونسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا أوفر عباده نصيبا في كل رحمة ينشرها، وكل نعمة ينزلها، إنه ولي ذلك والقادر عليه -.

?????????????????????

هل يصح قراءة القرآن من المصحف في التراويح لمن لا يحفظ القرآن؟

الجواب:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير