وهناك من قال باعتبارها، وخاصّةً بين الأقطار البعيدة، فقد قال الحنفيّة في هذه الحالة , بأنّه لكلّ بلدٍ رؤيتهم، وأوجبوا على الأمصار القريبة اتّباع بعضها بعضاً، وألزموا أهل المصر القريب في حالة اختلافهم مع مصرٍ قريبٍ منهم بصيامهم تسعةً وعشرين، وصيام الآخرين ثلاثين اعتماداً على الرّؤية أو إتمام شعبان ثلاثين أن يقضوا اليوم الّذي أفطروه لأنّه من رمضان حسب ما ثبت عند المصر الآخر، والمعتمد الرّاجح عند الحنفيّة أنّه لا اعتبار باختلاف المطالع , فإذا ثبت الهلال في مصرٍ لزم سائر النّاس فيلزم أهل المشرق برؤية أهل المغرب في ظاهر المذهب (قلت: وهو بعيد ان يصوم اهل المشرق والمغرب برؤية واحدة لان اختلاف المطالع أمر واقعٌ بين البلاد البعيدة كاختلاف مطالع الشّمس)
وقال المالكيّة بوجوب الصّوم على جميع أقطار المسلمين إذا رئي الهلال في أحدها ... وقيّد بعضهم هذا التّعميم فاستثنى البلاد البعيدة كثيراً كالأندلس وخراسان.
وقال الحنابلة بعدم اعتبار اختلاف المطالع، وألزموا جميع البلاد بالصّوم إذا رئي الهلال في بلدٍ.
واستدلّ القائلون بعدم اعتبار اختلاف المطالع بحديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»، فقد أوجب هذا الحديث الصّوم بمطلق الرّؤية لجميع المسلمين دون تقييدها بمكانٍ، واعتبروا ما ورد في حديث ابن عبّاسٍ من اجتهاده، وليس نقلاً عن الرّسول صلى الله عليه وسلم.
وعمل الشّافعيّة باختلاف المطالع فقالوا: إنّ لكلّ بلدٍ رؤيتهم وإنّ رؤية الهلال ببلدٍ لا يثبت بها حكمه لما بعد عنهم , كما صرّح بذلك النّوويّ.
ودليلهم الذى استدلوا به ما جاء فى الحديث عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَقُلْتُ رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ أَنْتَ رَأَيْتَهُ فَقُلْتُ نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ أَوْ نَرَاهُ فَقُلْتُ أَوَ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ فَقَالَ لَا هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" [مسلم – كتاب الصيام - باب بيان ان لكل بلد رؤيتهم ... ]
قال النووى فى الشرح الشرح
وَالصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا أَنَّ الرُّؤْيَة لَا تَعُمّ النَّاس , بَلْ تَخْتَصُّ بِمَنْ قَرُبَ عَلَى مَسَافَة لَا تُقْصَر فِيهَا الصَّلَاة , وَقِيلَ: إِنْ اِتَّفَقَ الْمَطْلَع لَزِمَهُمْ , وَقِيلَ: إِنْ اِتَّفَقَ الْإِقْلِيم وَإِلَّا فَلَا , وَقَالَ بَعْض أَصْحَابنَا: تَعُمّ الرُّؤْيَة فِي مَوْضِع جَمِيع أَهْل الْأَرْض فَعَلَى هَذَا نَقُول: إِنَّمَا لَمْ يَعْمَل اِبْن عَبَّاس بِخَبَرِ كُرَيْب ; لِأَنَّهُ شَهَادَة فَلَا تَثْبُت بِوَاحِدٍ لَكِنَّ ظَاهِر حَدِيثه أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ لِهَذَا , وَإِنَّمَا رَدَّهُ لِأَنَّ الرُّؤْيَة لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهَا فِي حَقِّ الْبَعِيدِ ... (قلت وهذا ايضا بعيد كما سبق ذكره).
واستدلّ القائلون بعدم اعتبار اختلاف المطالع بحديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»، فقد أوجب هذا الحديث الصّوم بمطلق الرّؤية لجميع المسلمين دون تقييدها بمكانٍ، واعتبروا ما ورد في حديث ابن عبّاسٍ من اجتهاده، وليس نقلاً عن الرّسول صلى الله عليه وسلم.
?فصل فى بيان الموقف عند حدوث خطأ فى الرؤية أو اشتباه?
س: ماذا لو حدث خطأ فى رؤية الهلال؟
الجواب:
¥