تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نعم قد ينتج عن تواصل الغيم أكثر من شهرٍ قبل رمضان أو شوّالٍ أو ذي الحجّة أو عن عدم التّحرّي في رؤية الهلال خطأ في بداية رمضان، ويترتّب عليه إفطار يومٍ منه، أو خطأ في بداية شوّالٍ، ويترتّب عليه إفطار يومٍ من رمضان أو صيام يوم العيد، أو خطأ في ذي الحجّة، ويترتّب عليه وقوف بعرفة في غير وقته، وهذا أخطرها

وقد استند القائلون بصحّة الوقوف في غير يومه وصحة الصيام وغيره إلى الحديث الذى اخرجه البخارى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " شَهْرَانِ لَا يَنْقُصَانِ شَهْرَا عِيدٍ رَمَضَانُ وَذُو الْحَجَّةِ " [البخارى – كتاب الصوم - بَاب شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ]

قال ابن حجر فى الشرح:

وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ: فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ , فَقَالَ لَا يَكُونُ رَمَضَان وَلَا ذُو الْحِجَّةِ أَبَدًا إِلَّا ثَلَاثِينَ , وَهَذَا قَوْل مَرْدُود مُعَانِد لِلْمَوْجُودِ الْمُشَاهَدِ , وَيَكْفِي فِي رَدِّهِ قَوْله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ " صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ " فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ رَمَضَان أَبَدًا ثَلَاثِينَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى هَذَا ..... وَقَالَ أَبُو الْحَسَن كَانَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ يَقُولُ: لَا يَنْقُصَانِ فِي الْفَضِيلَةِ إِنْ كَانَا تِسْعَة وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ ..... وَقِيلَ لَا يَنْقُصَانِ مَعًا , إِنَّ جَاءَ أَحَدهمَا تِسْعًا وَعِشْرِينَ جَاءَ الْآخَر ثَلَاثِينَ وَلَا بُدَّ. وَقِيلَ لَا يَنْقُصَانِ فِي ثَوَابِ الْعَمَلِ فِيهِمَا .... وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل إِنْ نَقَصَ رَمَضَان تَمَّ ذُو الْحِجَّةِ , وَإِنَّ نَقَصَ ذُو الْحِجَّةِ تَمَّ رَمَضَان ...... وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا يَنْقُصَانِ فِي الْأَحْكَامِ ..... وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَنْقُصَانِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنْ رُبَّمَا حَالَ دُونَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ مَانِع ..... وَأَقْرَبهَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ النَّقْصَ الْحِسِّيَّ بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ يَنْجَبِرُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شَهْرُ عِيدٍ عَظِيم فَلَا يَنْبَغِي وَصْفُهُمَا بِالنُّقْصَانِ ........ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي " الْمَعْرِفَةِ " إِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِتَعَلُّقِ حُكْمِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ بِهِمَا , وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيّ وَقَالَ: إِنَّهُ الصَّوَابُ الْمُعْتَمَدُ. وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَا وَرَدَ عَنْهُمَا مِنْ الْفَضَائِلِ وَالْأَحْكَام حَاصِل سَوَاء كَانَ رَمَضَان ثَلَاثِينَ أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ , سَوَاء صَادَفَ الْوُقُوف الْيَوْم التَّاسِع أَوْ غَيْره. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلّ ذَلِكَ مَا إِذَا لَمْ يَحْصُلُ تَقْصِيرٌ فِي اِبْتِغَاء الْهِلَال , وَفَائِدَة الْحَدِيثِ رَفْع مَا يَقَعُ فِي الْقُلُوبِ مِنْ شَكٍّ لِمَنْ صَامَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَوْ وَقَفَ فِي غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ بَعْض الْعُلَمَاءِ إِمْكَان الْوُقُوفِ فِي الثَّامِنِ اِجْتِهَادًا , وَلَيْسَ مُشْكِلًا لِأَنَّهُ رُبَّمَا ثَبَتَتْ الرُّؤْيَةُ بِشَاهِدَيْنِ أَنَّ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ الْخَمِيس مَثَلًا فَوَقَفُوا يَوْم الْجُمْعَةَ , ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا شَهِدَا زُورًا. وَقَالَ الطِّيبِيّ: ظَاهِر سِيَاق الْحَدِيثِ بَيَان اِخْتِصَاص الشَّهْرَيْنِ بِمَزِيَّةٍ لَيْسَتْ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الشُّهُورِ , وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّ ثَوَاب الطَّاعَة فِي غَيْرِهِمَا يَنْقُصُ , وَإِنَّمَا الْمُرَادُ رَفْعُ الْحَرَجِ عَمَّا عَسَى أَنْ يَقَعَ فِيهِ خَطَأ فِي الْحُكْمِ لِاخْتِصَاصِهِمَا بِالْعِيدَيْنِ وَجَوَاز اِحْتِمَال وُقُوعِ الْخَطَأِ فِيهِمَا , وَمِنْ ثَمَّ قَالَ " شَهْرَا عِيدٍ " بَعْدَ قَوْلِهِ " شَهْرَانِ لَا يَنْقُصَانِ " وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ رَمَضَان وَذِي الْحِجَّةِ اِنْتَهَى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير