(الجُناح) الإثم، اشتق من جَنَحَ، إذا مال، وظاهر الآية أن السعي بين الصفا والمروة ليس بواجب، وليس الأمر كذلك، وقد بيَّن حديث عائشة رضي الله عنها المقصود من الآية، فيما رواه مالك من حديث عروة بن الزبير رضي الله عنهما، قال: قلت لـ عائشة - وأنا يومئذ حديث السن -: أرأيتِ قول الله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} فما على الرجل شيء أن لا يطوف بهما، فقالت رضي الله عنها: كلا، لو كان كما تقول لكانت: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما؛ إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يُهلِّون لمناة (اسم صنم) وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله: {إن الصفا والمروة من شعائر اللَّه} فالآية - كما دل حديث عائشة رضي الله عنها - نزلت لدفع وَهْمِ مَن توهَّم، وتحرَّج من المسلمين عن الطواف بين الصفا والمروة؛ لكونهما في الجاهلية تُعبد عندهما الأصنام، فنفى الله تعالى الجُناح لدفع هذا الوهم، لا لأن السعي بينهما غير لازم، كما قد يتبادر من ظاهر الآية.
وفي رواية أخرى لـ عائشة رضي الله عنها، ثبتت في "الصحيحين" قالت: (قد سنَّ رسول الله الطواف بهما، فليس لأحد أن يدع الطواف بهما).
ثم إن تقييد نفي (الجُناح) في الآية، فيمن طاف للحج أو العمرة، فيه دلالة على أنه لا يُتطوع بالسعي مفردًا، إلا مع انضمامه لحج أو عمرة، وهذا بخلاف الطواف بالبيت، حيث يُشرع الطواف فيه مفردًا عن الحج والعمرة.
وقوله جلَّ من قائل: {ومن تطوع خيرا} أي فعل طاعة {فإن الله شاكر عليم} أي مثيب على الطاعة لا تخفى عليه.
فبين سبحانه أن الخير كل الخير فيما يفعله العبد من الطاعات، والقربات التي تقربه إلى ربه، وذلك أنه كلما ازداد العبد في طاعة خالقه ازداد خيره وكماله، ورُفعت درجته عند الله.
على أن في الآية دلالة أخرى، دلَّ عليها تقييد التطوع بالخير، إذ يُفهم من هذا التقييد أن من تطوع بالبدع، وبغير ما شرعه الله سبحانه، أو فَعَلَ ما أمره الله على غير الصفة التي شرعها الله، فإن عمله غير مقبول، ولا يحصل له من الأجر سوى العناء، ومن كانت حاله كذلك، فهو داخل في قوله تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} (الكهف:103 - 104).
وقوله تعالى: {فإن الله شاكر عليم}
هذا بيان من الله سبحانه أنه يقبل من عباده اليسير من العمل، ويجازيهم عليه العظيم من الأجر؛ كما أن في الآية إشارة إلى أن من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه، ومن تقرب منه شبرًا تقرب منه ذراعًا، وأنه سبحانه عليم بأحوال خَلْقه، ومن يستحق الثواب منهم، ومن يستحق العقاب.
ثم إن الآية بمجملها تدل على أن الساعي بين الصفا والمروة ينبغي أن يستحضر فقره لخالقه، وذلَّه بين يديه سبحانه، وحاجته إلى الله تعالى في هداية قلبه، وصلاح أمره، وغفران ذنبه، وأن لا ملجأ من الله إلا إليه، قال سبحانه: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} (فاطر:15).
الرابط: http://www.islamweb.net.qa/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=136234
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 05:25 م]ـ
نصيحة لحجاج بيت الله الحرام
نصيحة للحجاج من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى كل من يطلع عليها من حجاج بيت الله الحرام والمسلمين في كل مكان. إخواني حجاج بيت الله الحرام:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فمرحباً بكم في بلد الله الحرام، وعلى أرض المملكة العربية السعودية التي شرفها الله تعالى بخدمة الحجاج والعمار والزوار الذين يفدون إليها من كل مكان، ومنَّ عليها بخدمة المقدسات وتأمينها للطائفين والعاكفين والركع السجود.
وأسأل الله عز وجل أن يكتب لكم حج بيته وزيارة مسجد رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، في أمن وإيمان، وسكينة واطمئنان، ويسر وقبول، وأن تعودوا إلى دياركم سالمين مأجورين وقد غفر الله لكم وآتاكم من فضله إنه جواد كريم، وبالإجابة جدير.
¥