تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إخواني حجاج بيت الله الحرام: المسلمون بخير ما تناصحوا، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر، وتعاونوا على البر والتقوى، ولذلك فإني أذكر إخواني حجاج بيت الله الحرام، بأنهم في أيام فاضلة وأماكن مباركة، وأنهم قدموا من ديار بعيدة وتحملوا مشقات كثيرة استجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وقياماً بواجب عظيم، وعمل صالح جليل، أمرهم الله تعالى به حيث قال: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} [1] وهذا يقتضي منهم أموراً ينبغي المحافظة عليها والعناية بها، حتى يكون حجهم مبروراً، وسعيهم مشكوراً، وذنبهم مغفوراً بتوفيق من الله وعون، فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. ومن هذه الأمور:

أولاً يجب على الحاج وغيره أن يخلص نيته وقصده لله تعالى فيجعل عمله خالصاً لوجهه الكريم حتى يقع أجره على الله، وينال ثوابه، قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} [2]، وقال تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً} [3].

ثانياً: يجب على الحاج وغيره أن يكون العمل الذي يتقرب به إلى ربه مما شرعه الله تعالى لعباده، وأن يقتدي في أدائه بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، القائل: ((خذوا عني مناسككم)) [4] رواه مسلم رحمه الله، والقائل: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) [5] رواه البخاري رحمه الله. وقد قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} [6]. فالعمل مهما كان صاحبه مخلصاً فيه لله ولم يكن متابعاً فيه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو مردود عليه لا يقبله الله، للحديث الصحيح الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((من عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) [7] رواه مسلم رحمه الله. والله عز وجل يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم} [8].

ثالثاً: يجب على الحاج وغيره أن يكون على علم وبصيرة بأمور دينه حتى يقوم بها قياماً صحيحاً، ويؤديها أداءً سليماً على الوجه المشروع؛ فقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} [9]. وقد أمرنا الله تعالى أن نسأل أهل العلم فيما أشكل علينا من أمور ديننا، فقال سبحانه: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [10]. وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) [11]. وإنك أخي الحاج ستجد بعون الله في مكة المكرمة، والمدينة النبوية، وفي المشاعر المقدسة، وفي مؤسسات الطوافة بمكة، والأدلاء بالمدينة، علماء عينتهم الدولة –حرسها الله- للإجابة عن أسئلة واستفسارات الحجاج فيما أشكل عليهم من أمور حجهم وعمرتهم خاصة، ومن أمور دينهم عامة وذلك مما يسره الله تعالى للحجاج بفضل منه سبحانه، ثم بفضل حكومة خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية –وفقه الله- حتى يكون الحجاج على علم ومعرفة بالحق والصواب فيما يفعلون وفيما يتركون. فلا تتردد يا أخي في سؤالهم والاستفادة منهم حتى تكون على بينة من أمرك قال تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} [12]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقا إلى الجنة)) [13] رواه مسلم رحمه الله.

رابعاً: يجب على الحاج وغيره أن يعلم أن ما شرعه الله لعباده من طاعات وقربات، وما أحل لهم وحرم عليهم من أقوال وأفعال، إنما هي لتزكية أنفسهم وصلاح مجتمعاتهم، وعلى حسب إخلاصهم له، وصدقهم في العمل معه يكون انتفاعهم بذلك في الدنيا والآخرة، وثواب الله خير وأبقى، قال الله تعالى: {قد أفلح من تزكى. وذكر اسم ربه فصلى} [14]. وقال تعالى: {ونفس وما سواها. فألهمهما فجورها وتقواها. قد أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها} [15]. وقال الله تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [16]. والحج –أخي الحاج-

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير