الأول: ذكر كاتبها أنها نُشرت في موقع (الإسلام اليوم)، وفي بعض الصحف السيارة، ووضع على غلاف الرسالة: (16: كتاب الإسلام اليوم)، وهذه التسمية عجيبة غريبة، فإن الإسلام هو الإسلام: اليوم وبالأمس وغدًا، ولا يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، ولا شك أن الحق والهدى في كل زمان ومكان فيما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.
قال الإمام مالك - رحمه الله -: (لا يُصلح آخر هذه إلا ما أصلح أولها) عَزاه إليه القاضي عياض في " الشفا ": (2/ 72)، وابن تيمية في " مجموع الفتاوى ": (1/ 231).
وذكر الشاطبي في " الاعتصام ": (1/ 28) أن ابن الماجشون قال: سمعت مالكًا يقول: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة، لأن الله يقول: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دًينَكُمْ، فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا).
وما أجمل هذه الكلمة للإمام مالك - رحمه الله -، وهي قوله: (فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا)، والمعنى أن ما لم يكن دينًا في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لا يكون دينًا إلى قيام الساعة.
وهذه الكتابة المسماة " افعل ولا حرج " هي الكتاب السادس عشر من كتب ما سُمي (الإسلام اليوم)، وقد اشتملت على تهوين أمر المسائل الخلافية في الحج وانتقاء منها ما فيه ترخيص وتيسير غير منضبط ولو كان مرجوحًا أو شاذًا، وهي من التجديد غير السديد.
توسعه في الاستدلال بحديث: (افعل ولا حرج)
الثاني: قال الكاتب (ص 63): (ومع هذا جعل الله في الحج سعة لا توجد في غيره من العبادات، ومن هذا ما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال: اذبح ولا حرج، فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ قال: ارم ولا حرج، فما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قُدًّم ولا أُخًّر إلا قال: افعل ولا حرج)، وهكذا يحسن أن يكون شعار المفتي فيما لا نص فيه أو في جنس ما أفتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -: افعل ولا حرج).
وأقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بأعمال يوم النحر الأربعة: الرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الطواف، وقد حصل من بعض الصحابة - رضي الله عنهم - فعل بعضها على خلاف ترتيبه، فسألوه فأجابهم بأن لا حرج، وجاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن ذلك يوم النحر، وأنه ما سُئل عن شيء يومئذ إلا قال: (لا حرج).
وجاء في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - ما يدل على أن ذلك كان في مساء يوم النحر.
فقد روى البخاري في " صحيحه ": (1735) عن ابن عباس قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسأل يوم النحر بمنى، فيقول: لا حرج، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: اذبح ولا حرج، قال: رميت بعدما أمسيت؟ فقال: لا حرج).
وروى البخاري: (1737) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: (أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم النحر، فقام إليه رجل فقال: كنت أحسب أن كذا قبل كذا، ثم قام آخر فقال: كنت أحسب أن كذا قبل كذا: حلقت قبل أن أنحر؟ نحرت قبل أن أرمي؟ وأشباه ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: افعل ولا حرج، لهن كلهن، فما سُئل يومئذ عن شيء إلا قال، افعل ولا حرج).
ورواه أيضاً مسلم: (3163)، ولفظه: (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة، فقال: يا رسول الله! إني حلقت قبل أن أرمي؟ قال: ارم ولا حرج، وأتاه آخر فقال: إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي؟ قال: ارم ولا حرج، قال: فما رأيته سُئل يومئذ عن شيء إلا قال: افعلوا ولا حرج).
¥