- قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزؤا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء} (11).
فتبت يقينا عدم جواز اتخاذ أهل الذمة وغيرهم من الكفار أولياء، لأنهم متهمون في عقائدهم لا يخلصون النصيحة، بل يكنون للإسلام الغل والعداء والأحقاد ويستهزؤون بأهله.
كيف لا وهم يكفرون بالله، وينكرون رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن كان هذا شأنه فجدير ألا يواليه مسلم لا بإحتفال أو بغيره من مظاهر الموالاة.
- قال تعالى: {بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين} (12)
فالأية الكريمة تنص على أن من صفات أهل النفاق الموالاة للكفار.
2 - الإحتفال بأعيادهم فيه التشبه بهم:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من تشبه بقوم فهو منهم} (13)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم. وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم) (14).
وقوله صلى الله عليه وسلم: {ليس منا من تشبه بغيرنا} (15)
وهذا فيه دلالة واضحة على عظم جرم التشبه بالكفار ومجاراتهم في أفعالهم.
فالمسلم الذي يتشبه بغيره من الكفار، بأي نوع من أنواع التشبه الظاهر، في عاداته أو لباسه أو حركاته وسلوكه وفي الأمور كلها يدل غالبا على أنه لديه شعور باطني بمودة من يتشبه بهم، لأن التشبه نتيجة عن المحبة و الموالاة والإعجاب، مما يترتب على ذلك المودة المحرمة أثارا سلبية على الفرد والمجتمع، لما فيها من المنافاة للإيمان الذي دلت عليه النصوص فلزمنا أخذه بالإعتبار سدا للذريعة.
3 - أعياد الكفار وما يفعلونه فيه المعصية واعتقاد للضلال:
لأنها من جملة البدع والمحدثات التي نهى عنها الشارع ورتب عليا العقوبة الدنيوية والأخروية، {لأن شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار} (16)
فكل بدعة في الدين ضلالة محرمة، هذا مما أجمع عليه السلف، لأن البدع والمحدثات في الدين لم تنتشر إلا بعد القرون المفضلة مع ظهور الروافض و الفرق الكلامية والصوفية بمختلف مشاربها.
4 - الإحتفال بأعيادهم كبر في النفس و افساد للدين:
لأن القلوب تستعذبها وتستغني بها عن كثير من السنن، حتى تجد كثيرا من العامة يحافظ عليها، ملا يحافظ على الصلوات الخمس ( ... ) نهيك عما في ذلك من مصير المعروف منكرا، والمنكر معروفا. وجهالة أكثر الناس بدين المرسلين، وانتشاء زرع الجاهلية ( .. )، ومسارقة الطبع إلى الإنحلال من ربقة الإتباع وفوات سلوك الصراط المستقيم، وذلك أن النفس فيها نوع من الكبر، فتحب أن تخرج من العبودية والإتباع بحسب الإمكان، كما قال أبو عثمان النيسابوري رحمه الله: (ما ترك أحد شيئا من السنة إلا لكِبر في نفسه)، ثم هذا مظِنة لغيره، فينسلخ القلب عن حقيقة اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ويصير فيه كبر وضعف الإيمان ما يفسد عليه دينه، أو يكاد، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا (17).
5 - الإحتفال بأعيادهم من الزور والباطل الصريح:
قال تعالى: {والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما} (18)، فالسكر والعربدة، والمجون وإقامة الليالي الحمراء بزعمهم وإلا فهي سوداء، لاشك في أن ذلك من قبيل الزور والباطل.
وقد فسر كثير من السلف الزور في الآية: بأعياد المشركين، كما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما، وتبعه في ذلك جمع من الأئمة، كأبو العالية وطاوس وابن سيرين والضحاك وغيرهم (19)
قال ابن تيمية رحمه الله: (وأما أعياد المشركين فجمعت الشبهة والشهوة والباطل، ولا منفعة فيها في الدين، وما فيها من اللذة العاجلة، فعاقبتها إلى ألم، فصارت زورا) (20) اقتضاء الصراط المستقيم.
وللأسف الشديد فإن كثيرا من المسلمين سلكوا مسلك اليهود والنصارى في الإحتفالات والطقوس والمراسيم وغير ذلك من المنكرات والبدع الشنيعة، تقليدا منهم للمغضوب عليهم والضالين.
وبذلك يظهر خطر أفات التقليد والتشبيه التي عمت بها البلوى في هذا الزمان بتقليد الغربيين في الإحتفال بأعيادهم الباطلة، بل تعداه إلى مجاراتهم في كل ما يحبون شبرا بشبر وذراعا بذراع، وفي ذلك تعضيم لهم وتعظيم لشعائرهم وعاداتهم، وكل ذلك ليحل للمسلم بأي حال من الأحوال
..................................................
(1) "اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية"، "مجلة البيان عدد4، الصادر بتاريخ: جمادة2،سنة 1404هج, مقال الأعياد والمناسبات في الإسلام لمحمد عثمان.
(2) ابن ماجة في السنن
(3) البخاري ومسلم
(4) "اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية"، "مجلة البيان عدد4، الصادر بتاريخ: جمادة2،سنة 1404هج, مقال الأعياد والمناسبات في الإسلام لمحمد عثمان.
(5) البخاري ومسلم
(6) المائدة
(7) أحمد أبو داود بسند جيد، وحسنه السيوطي في الجامع الصغير، قال الألباني في صحيح الجامع الصغير.
(8) المائدة
(9) التحرير والتنوير
(10) المحرر الوجيز
(11) المائدة
(12) النساء
(13) أبو داود
(14) اقتضاء الصراط المستقيم
(15) الترمذي بسند ضعيف، وحسنه الحافظ في الفتح وغيره.
(16) مسلم والنسائي
(17) اقتضاء الصراط المستقيم
(18) الفرقان
(19) أحكام القرآن، الجامع لأحكام القرآن، تفسير ابن كثير، الدر المنتور للسيوطي
¥