ـ[أبو يحيى المكناسي]ــــــــ[28 - 10 - 10, 11:37 م]ـ
الإحتفال بأعياد المشركين
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين.
أما بعد:
لقد أكثر الناس الحديث في اعتبار الأعياد والمناسبات في الإسلام وعدم اعتبارها، ما بين مؤيد ومعارض، فوقع فيها افراط وتفريط، وهذا الإختلاف يدفعنا إلى توضيح بعض المفاهيم المصطلحية الخفية على كثير من الناس من جهة التأصيل العلمي للمسألة، خصوصا إذا نظرنا إلى التركيبة البشرية للمجتمع الإسلامي بكل مكوناته وأحداثه العامة والخاصة في إطار علاقته بالشريعة الإسلامية، سنجد أن هذه المسألة تحتاج المزيد من البحث لوجود عدة عوامل، منها ما هو داخلي، ومنها الخارجي.
والمتأمل لهذه الحقائق من المنظور العلمي الدقيق يستشف أن المناسبات والأعياد على قسمين:
1 - مناسبة معتبرة شرعا: اعتنت بها الشريعة الإسلامية بشكل خاص لما لها من قداسة دينية باعتبارها عادة محمودة وعبادة محضة دل عليها النقل والعقل، لما فيها من ذكريات عظيمة ومواقف جليلة تتجدد مع تجدد الأيام والأجيال، تعود على الأفراد والجماعات بالنفع العميم لاشتمالها على قيم دينية وخلقية نبيلة أقرها الشرع، فكان التزود بها ضرورة شرعية كالصلاة والذكر والصيام والنسك، كيوم الجمعة، وعيد الفطر، وعيد الأضحى.
2 - مناسبة لم تعتبر شرعا: إما لاقتصارها في ذاتها، أو عدم استطاعة الأفراد لمواكبتها مما يترتب على الاحتفال بها مخالفات شرعية جسيمة، وممارسات شنيعة تخرج المسلم من دائرة الطاعة والامتثال الشرعي إلى أغلال التبعية والانحطاط من خلال التقليد والتشبه والغلو والأعراف الفاسدة كالاحتفال بالمناسبات والأعياد غير المشروعة.
وبعد الوقوف على حقيقة هذه المفاهيم بتفريعاتها نستطيع أن نضع كل عيد أو مناسبة في نصابه الحقيقي بعد عرضهما على ميزان الشرع، فما وافق النصوص الشرعية وضوابط الشريعة التي أقرها علماء الأمة التزمنا به، وما خالفها لوجود قوادح ومنكرات تمس القيم الدينية والأخلاقية تركناه مخافة الوقوع في مستنقع الشر وبراثنه.
- مفهوم الأعياد:
الأعياد: جمع عيد، والعيد هو كل يوم فيه جمع، واشتقاقه من عاد يعود، كأنهم عادوا إليه، وقيل: أن اشتقاقه من العادة، لأنهم اعتادوه.
فالعيد: ما يعود ويتكرر مرة بعد أخرى، ويقال: العيد اسم لما يعاد من الاجتماع العام على وجه معتاد أي عائد، إما بعود السنة، أو الشهور، أو الأسبوع ونحوه.
وبسرد هذه التعريفات للعيد ومدلولاته يتضح جليا أن العيد يجمع أمورا:
- منها: يوم عائد كيوم الجمعة وعيد الفطر وعيد الأضحى.
- ومنها: الاجتماع فيه.
- ومنها: أعمال تجمع ذلك من العبادات أو العادات، وقد يختص ذلك بمكان معين، وفقد يكون مطلقا، وكل من هذه الأمور قد تسمى عيدا (1).
فمن الناحية الزمنية: كقول النبي صلى الله عليه وسلم: {إن هذا اليوم جعله الله للمسلمين عيدا} (2).
ومن الناحية المكانية: كقوله صلى الله عليه وسلم: {لا تتخذوا قبري عيدا} أخرجه أبو داود وأحمد بإسناد حسن، وهو على شرط مسلم، وهو صحيح مما له من طرق وشواهد.
ومن ناحية الاجتماع والأعمال: كقول ابن عباس رضي الله عنهما: {شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ... )} (3).
وقد يكون لفظ العيد اسما لمجموع العيد والعمل فيه وهو الغالب (4)، كقوله صلى الله عليه وسلم: {دعهن فإن لكل قوم عيدا} (5).
لذلك يمكن القول أن العيد سمي بهذا الإسم، لأن لله تعالى فيه عوائد الإحسان كالفطر بعد الإمساك، وصدقة الفطر تزكى بها النفوس، وإتمام الحج بطواف الإفاضة ونحر الأضاحي، ولأن العادة فيه السعادة والمرح والحبور.
وبعد أن اتضحت لنا الخطوط المصطلحية لمفهوم العيد، يمكن الجزم أن الأعياد مناسبة ترفرف القلوب في حدائق البهجة والسرور، باعتباره رمزا للفرح والحبور، يحلو فيه ما لا يحلو في غيره من بسط النفس والترويح عن البدن، نهيك عن الشعائر التي تصحب ذلك باعتبارها من المظاهر المألوفة عند الجميع ولذلك كان لكل أمة أعيادها الخاصة بها وعلى رأسها خير الأمم الأمة الإسلامية.
¥