تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[19 - 03 - 09, 07:04 م]ـ

شيخنا أبا زيد، حفظكم الله

لا نختلف في عاطفية النساء في مثل هذه الأمور، وقلّ ما تجد منهن من تحبذ الفكرة أو تتقبلها، لفطية الغيرة لديهن. لكن هذا شئ ومنع أو إسقاط هذا الشرط، شئ آخر!

فهمت من كلامك، أنّ هذا الشرط مشكل لأنّ فيه تحريم لما أحل الله، ألا وهو الزواج من أخرى، وعليه يمنع لأن الشرط باطل. ولي وقفات استفهامية لا تقريرية في هذا الأصل، أرجو أن يتسع وقتكم وصدركم للتعقيب عليها:

أليس إن كان حكم الزواج الإباحة في الأصل، فالإمتناع عنه لا يدخل في باب تحرم ما أحل الله. ومثاله: رغبة الكثير من العلماء عن الزواج لطلب العلم كأمثال الشيخ النووي وغيره.

إنَّما الشيخُ من يدبُّ دبيباً, وأنا أجزمُ أني أصغُركَ بعشرٍ (ابتسامة)

من المعلوم سددك الله انَّ الزواجَ تجري معهُ الأحكامُ الخمسةُ , و لا خلاف في وجوبه على ذي الجِدةِ الذي يخشى الحرامَ على نفسه , ولا ترضى زوجُه بضرة لها , وفي هذه الحالة ينتقلُ الحكم من الإباحة إلى الوجوب , وعلى الأصل يبقى من امتنع منهُ كالنووي وغيره , مع أنهُ قد يظنون حرمته عليهم في حال عدم القدرة المطلقة على المعاشرة.

أليس تحريم ما هو حلال يلزم اعتقاداً مصاحباً له!

ومثال ذلك: يمتنع الرجل عن بعض المأكولات - التي هي حل له في الأصل - لكراهيته لها أو أن يشترط الرجل على نفسه عدم أكل السكريات أو الدهنيات لرغبتهم في إنقاص وزنهم. وهذا كما تعلم امتنع عن شئ مباح لكنه لم يأثم لأنه لم يعتقد بحرمية ما هو حلال. بل عاية أمره أنه تجنب ما هو مباح.

لكنَّ هؤلاء لا يمتنعونَ عنهُ ديانةً وإنما حميةً , بينما المشروطُ عليه ألا يتزوجَ بأخرى يمتنعُ وهو راغبٌ يتوق إلى التعدد , وتحجزه نصوصُ المانعين , فيعتقدُ وجوب الوفاء بهذا الشرط عابداً اللهَ بالتزامه به , وبهذا يحصلُ الفرقُ بين حاله وحال من مثلت لهم.

- أليس الشرط مقيد لا عمومه، فهو مقيد ما دام زوجاً لها، فينتفي عند طلاقه منها أو حين وفاتها؟

وكلامنا كذلك مقيدٌ بوقت كونه زوجاً لها , فقبل زواجه أو بعد طلاقه لا وجه لمنعها هي ولا غيرها له من نكاح ما طاب له من النساء , بل إذنها والحالةُ تلك كإذنها في قيام الساعة (ابتسامة).

-أليس الشرط من الشروط التي لا تستلزم اعتقادا في المنع، فهي لم تشترط عليه أن لا يعتقد عدم حلية الزواج من ثانية، بل تشترط عليه الإمتناع عن مباح للتمتع بما هو مباح، فيكون من باب الترك المجرد، كأن تخير بين أطباق من الطعام - وعذراً على وجه التشبيه - لكن لا يسمح لك بتناول الطبق الرئيسي إلا إن لم تتناول المقبلات! (ابتسامة)

هي تشترطُ عليه امتناعاً عن مباحٍ , ولكنّ هذا المباح كما سبقَ قد يؤول إلى الوجوبِ وحينها يأثمُ الرجلُ في سبيل الحفاظِ على نفسية المرأة من ألم الغيرة.

بل أليس في الحديث - الذي نقله الأخ محمد المناوي وفقه الله - دليلاً على جواز منع الزواج من ثانية واشتراطه!

فقد أخرج الشيخان إِنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِى جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ النَّاسَ فِى ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ فَقَالَ «إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّى، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِى دِينِهَا». ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِى مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ قَالَ «حَدَّثَنِى فَصَدَقَنِى، وَوَعَدَنِى فَوَفَى لِى، وَإِنِّى لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلاَلاً وَلاَ أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا» فقوله - صلى الله عليه وسلم - "لست أحرم حلالاُ ولا أحل حراماً، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبنت عدو الله أبداً" دليل على أنّ منع الرجل من التعدد ليس من تحريم ما أحل، بل منع لمصلحة تقررت حينها، ففعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - من منع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - من الزواج بثانية إن أراد إبقاء فاطمة - رضي الله عنها - يدل على الجواز، وإن كان الجواز بعد العقد، أليس من باب أولى أن يجاز قبل العقد؟

بإنتظار ردكم، حفظكم الله

هذا من خصائصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما قال أهل العلم , لأنهُ صحَّ عنه أنه قال عن فاطمة رضي الله عنها {بَضْعَة مِنِّي، يَرِيبنِي مَا رَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا} وفي رواية {إِنَّ فَاطِمَة مُضْغَة مِنِّي، وَأَنَا أَكْرَه أَنْ يَفْتِنُوهَا}

فرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أشفق على علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - من عذاب الله له , لأن أذية فاطمة أذيةٌ له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , بخلاف نساء العالمين وأوليائهنَّ , والله تعالى حرم أذية رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ورتب عليها اللعنة والعذاب الأليم , كما في قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}

وهذا يشمل إيذاءه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بفعل المباحات التي منها نكاح علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لبنت أبي جهل, ومع ذلك فإنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بين أن لا سبيل لعلي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - إلا أن يطلقها ويتزوج من شاء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير