هي تشترطُ عليه امتناعاً عن مباحٍ , ولكنّ هذا المباح كما سبقَ قد يؤول إلى الوجوبِ وحينها يأثمُ الرجلُ في سبيل الحفاظِ على نفسية المرأة من ألم الغيرة.
فهمت من كلامكم هنا ما فهمته من قبل وهو أن الأمر مقيد في حال كان الزواج واجباً في حقه.
هذا من خصائصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما قال أهل العلم , لأنهُ صحَّ عنه أنه قال عن فاطمة رضي الله عنها {بَضْعَة مِنِّي، يَرِيبنِي مَا رَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا} وفي رواية {إِنَّ فَاطِمَة مُضْغَة مِنِّي، وَأَنَا أَكْرَه أَنْ يَفْتِنُوهَا}
فرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أشفق على علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - من عذاب الله له , لأن أذية فاطمة أذيةٌ له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , بخلاف نساء العالمين وأوليائهنَّ , والله تعالى حرم أذية رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ورتب عليها اللعنة والعذاب الأليم , كما في قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}
وهذا يشمل إيذاءه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بفعل المباحات التي منها نكاح علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لبنت أبي جهل, ومع ذلك فإنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بين أن لا سبيل لعلي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - إلا أن يطلقها ويتزوج من شاء
كون الفعل من خصائص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيه نظر ويحتاج إلى دليل، وإن قال به بعض أهل العلم رحمهم الله. فتعليل الأمر اختلف فيه كما بينه الحافظ في فتحه وغيره من العلماء رحمهم الله. بل إنّ الحافظ ذكر احتمال وجود الشرط المسبق حين قال: لَعَلَّهُ كَانَ شَرَطَ عَلَى نَفْسه أَنْ لَا يَتَزَوَّج عَلَى زَيْنَب، وَكَذَلِكَ عَلِيّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّ عَلِيًّا نَسِيَ ذَلِكَ الشَّرْط فَلِذَلِكَ أَقْدَم عَلَى الْخِطْبَة، أَوْ لَمْ يَقَع عَلَيْهِ شَرْط إِذْ لَمْ يُصَرِّح بِالشَّرْطِ لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُرَاعِي هَذَا الْقَدْر فَلِذَلِكَ وَقَعَتْ الْمُعَاتَبَة"
هل فهمي للشاهد "لست أحرم حلالاُ ولا أحل حراما" في محله حين فهمته على أنه دليل على أنّ منع الرجل من التعدد ليس من تحريم ما هو حلال. فاستهلال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطابه بهذه الإفتتاحية تمهيد أن لا يفهم الناس أن منعه علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - من التعدد المباح من باب التحريم (ولذلك ذكرت علة المنع في الحديث)، وحتى لا يفهم من اشتراطه أنه من الشروط المحرمة أيضاً، فلا يقال أنّ الشرط محرم أصلاً. فإن كان في زواج علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أذى للرسول فكان حراماً فعله، فلا يقال أن منع المحرم أتى بما هو محرم. بل فعل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ما هو مباح أصلاً لمنع ما هو محرم اصلاً؟ وعليه إلا يكون من باب أولى أن يجاز الشرط قبل العقد؟
بانتظار ردكم، حفظكم الله يا شيخ (ابتسامة)
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[23 - 03 - 09, 04:16 م]ـ
الوجه الأول وهو أقواها عندي: أنه-الشرط-تدخل في خصوصيات الطرف الآخر المحضة؛ فكون الرجل يتزوج أو يتسرى أو يطلق أو أو ... هذا أمر خاص به، ولو أجزنا شرطها هذا لأجزنا أن تشترط عليه ألا يستولد زوجه الأخرى أو أمته وبهذا يظهر أن هذا الشرط خارج عن طبيعة العقد
بخلاف ما لو اشترطت دارا معينة فهذا أمر خاص بها لا يدخل في خصوصيات الرجل المحضة إلا من طرف خفي
الوجه الثاني: إن إعطاء المرأة حق الفسخ -وهو ضرر-إنما قام على مضادة شرع الله وهو التناكح، فلو أجزنا هذا الشرط لأجزنا أيضا أن تشترط عليه أن لا يستولد أمته مثلا
الوجه الثالث: أنه ناقض مقصدا من مقاصد الشريعة عظيما ألا وهو التناكح لاسيما إذا دار على الوجوب إما أصالة وإما لظرف خارج
الوجه الأخير: أن الرجلل قد يتضرر بهذا التوحيد لعوارض كثيرة قد ترجع إليه فلا يكفيه امرأة واحدة، كما قال أهل العلم من الرجال من لا تكفيه واحدة ومنهم من لا تكفيه اثنتان (والشاب لا يعلم قدر نفسه قبل ممارسة الزواج) .... أو يرجع هذا العارض لهذه المرأة فقد تكون باردة أو لا تقوى على كثرة الجماع أو تضعف عن أداء مهمتها بسبب طول حيض ونحو ذلك
ويمكن أن نجمل هذه المسألة من ناحية مصلحية فقط فنقول
1 - مصلحة المرأة بهذا الشرط قامت معارضة لمصلحة عامة وهي التناكح والتوالد ومن ثم القوة الإسلامية، إضافة إلى معارضتها لمصلحة الرجل الخاصة المتعلقة به وحده.
2 - ضرر المرأة ببطلان الشرط -أو بزواج زوجها-قام إزاء مضرة أعظم وهي زيادة العنوسة والثيوبة ومن ثم الزنا إضافة إلى مضرة الرجل خصوصا لاسيما إذا أثبتنا مهر المثل لها مع فوات العقد
إذن: مضرة خاصة إزاء مضرتين إحدهما عامة والأخرى خاصة
ومصلحة خاصة تلقاء مصلحة عامة وأخرة خاصة.
ويتقوى كلامي -من الجهة المصلحية- إذا اتفقنا على أن الشرع ألغى مضرة المرأة بمجرد زواج الأخرى، ما يتبعه من مبيت ونحو ذلك، كما أنه أهدر مصلحتها بطلاق الأخرى
أما حادثة فاطمة عليها السلام فتخرج من عداد الإضرار العام لأنها علة مقصورة كما يقول الأصوليون، وكونها من خصائص
فاطمة أوجه لأنه لم يقل به أحد من الصحابة لاسيما أن كل ولي يأبى ذلك على موليته إضافة إلى ألفاظ الحديث
والله أعلم
¥