تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(فأما الذهب و الفضة فالعلة عند الشافعي فيهما كونهما جنس الأثمان غالبا، و هذه عنده على قاصرة لا تتعداهما، إذا لا توجد في غيرهما) * 33

فانظر إلى الإمام النووي حيث لم يحعل قصور غلبة الثمنية طبعي في الذهب و الفضة، بل جعل ذات القصور معللا بعدم التواجد في غير الذهب و الفضة، و إن الواقع ليشهد بما لا يدع مجالا للشك بتحقق هذه الثمنية الغالبة في نقودنا الورقية المعاصرة.

بل صرح الإمام النووي في المجموع بوقوع الخلاف في الفلوس، و أن سبب عدم جريان الربا فيها هو عدم توفر علة غلبة الثمنية، فقال:

" وفي تعدي الحكم إلى الفلوس إذا راجت وجه، و الصحيح: أنه لا ربا فيها لانتفاء الثمنية الغالبة " * 34

ويؤيد ما ذكرته أيضا ما ورد عن أهل خراسان من الشافعية؛ حيث إنهم لم يختلفوا مع جمهور الشافعية في زمانهم في تعليل الربا في النقدين؛ حيث قالوا بغلبة الثمنية، و ما نقل لنا أنهم خالفوهم في العلة وإلا لاشتهر في فروعهم، وحاصل ما نقل أنهم خالفوهم في التطبيق على الفلوس فأجروا فيها الربا، مما يدلك على أن العلة المعتمدة لديهم ـ و هي غلبة الثمنية ـ قد تحققت في الفلوس لدى شافعية خراسان، و إلا لانتقد عليهم التعليل بها ثم إجراء مناطها فيما لم تتحقق فيه، فيكون تناقضا، و ما وجدنا أحدا من الشافعية أخذ عليهم ذلك.

ثم انظر ما صرح به المرداوي في الإنصاف، وهو أصرح من أن يوضّح، يقول:

" فوائد؛ الأولى، قولنا في الروايتين الأخيرتين: العلة في الأثمان الثمنية هي علة قاصرة. قال في (الفروع): لا يصح التعليل بها في اختيار الأكثر، و نقضت طردا بالفلوس؛ لأنها أثمان، و عكسا بالحلي. و أجيب لعدم النقدية الغالبة. ثم قال في (الانتصار): ثم يجب أن يقولوا ـ إذا نفقت حتى لا يتعامل إلا بها: إن فيها الربا لكونها ثمنا غالبا. قال في (التمهيد): من فوائدها؛ ربماحدث جنس آخر يجعل ثمنا، فتكون تلك علة " 35

فانظر إلى تصريحه بما نقل عن (الفروع) بأن عدم جريان الربا في الفلوس إنما هو لعدم غلبة ثمنيتها، أي لا لقصور غلبة الثمنية على جنس الذهب و الفضة، ثم انظر إلى تصريحه في نقله عن (الانتصار) بأن الفلوس إذا نفقت ـ أي راجت وتعومل بها ـ حتى صار لا يتعامل إلا بها فإنها تكون ثمنا غالبا فيجري فيها الربا. و هو صريح كما أسلفنا و لا يحتاج إلى إيضاح.

و يؤيده كذلك اعتماد الفقهاء ـ و منهم الشافعية و المالكية ـ للدراهم المغشوشة كأثمان إذا ما وقع الاصطلاح عليها ـ و إن جهل قدر الفضة فيها ـ. فلو كانت غلبة الثمنية هي في جنس الفضة لما جاز جعل المغشوش أثمانا لو اصطلح عليه الناس، لأنه و الحال هذه لا يكون للاصطلاح دخل في الثمنية، و هذا خلاف ما صرحوا به كما ستراه في المقدمة الرابعة. و الله سبحانه أعلم.

فهل اطلع المفسرون للعلة القاصرة بأنها هي ذات محل النص على تلك النقول، وهل إذا اطلعوا عليها قنعوا بغير ما فسره لهم فضيلة المفتي؟

ـــــــــــــــــــــــــ

(22) شرح المحلي على جمع الجوامع ـ جلال الدين المحلي ـ 2/ 241 مؤسسة مصطفى الحلبي. القاهرة

(23) نهاية السول ـ الإسنوي ـ 3/ 103 محمد علي صبيح

(24) شرح المحلي على جمع الجوامع ـ جلال الدين المحلي ـ 2/ 241 مؤسسة مصطفى الحلبي. القاهرة

(25) نهاية السول ـ الإسنوي ـ 3/ 103 محمد علي صبيح

(26) شرح المحلي على جمع الجوامع ـ جلال الدين المحلي ـ 2/ 241 ـ 242 مؤسسة مصطفى الحلبي. القاهرة

(27) المستصفى ـ أبو حامد الغزالي ـ 2/ 341 المطبعة الأميرية. بولاق

(28) المجموع ـ النووي ـ 9/ 491 مكتبة الإرشاد بجدة

(29) الكوكب المنير ـ ابن النجار ـ 4/ 51 العبيكان. الرياض

(30) نفس المصدر

(31) المجموع ـ النووي ـ 4/ 491 مكتبة الإرشاد بجدة. و انظر كذلك الحاوي للماوردي 5/ 92 دار الكتب العلمية. بيروت

(32) مغني المحتاج ـ الشربيني الخطيب ـ 2/ 25 مؤسسة مصطفى الحلبي. القاهرة

(33) المجموع ـ النووي ـ 9/ 490 مكتبة الإرشاد بجدة

(34) نفس المصدر 3/ 380

(35) الإنصاف ـ المرداوي ـ 2/ 17 دار هجر

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[28 - 04 - 09, 02:55 ص]ـ

المقدمة الرابعة

[الدنانير و الدراهم المغشوشة]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير