و عن جبير بن نفير الحضرمي؛ أنه أرسل إلى عائشة يسألها عن المرفقة يجامع عليها الرجل، أيقرأ عليها المصحف؟ قالت: «وما يمنعك من ذلك؟ إن رأيته فاغسله، وإن شئت فحككه، وإن رابك فرشه». [71]
قلت: المرفقة؛ مخدة يُتَكَأُ عليها، و شأنها أهون من الثوب الذي يُصَلّى فيه. فالعجب ممن يبلغه هذه الفتاوي ثم ينسب إليها القول بطهارة المني.
...
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[16 - 08 - 09, 06:58 م]ـ
• مذهب الصحابة في المني:
كل من وردتنا عنهم الرواية يتفقون على وجوب غسله، إلا ما ورد عن سعد بن وقاص و قد بيّنتُ وجهه فيما مضى. و ما روي عن ابن عباس، و سيأتي تحرير مذهبه إن شاء الله تعالى.
و هاهي رواياتهم:
عمر بن الخطاب و عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
عن عبد الرحمن بن حاطب:
«أنه اعتمر مع عمر بن الخطاب في ركب فيهم عمرو بن العاص فعرس قريبا من بعض المياه، فاحتلم فاستيقظ و قد أصبح فلم يجد في الركب ماء، فركب - وكان الرفع - حتى جاء الماء فجلس على الماء يغسل ما في ثوبه من الإحتلام، فلما أسفر قال له عمرو بن العاص: أصبحت دع ثوبك يغسل والبس بعض ثيابنا؟ فقال: واعجبا لك يا عمرو! لئن كنت تجد الثياب أفكل المسلمين يجدون الثياب؟! فوالله لو فعلتها لكانت سنة! بل اغسل ما رأيت وأنضح ما لم أر!». [72]
قال الباجي في " المنتقى " (1/ 117):
و قوله: " فجعل يغسل ما رأى من الإحتلام حتى أسفر ": يريد أنه تتبع ما كان في ثوبه من المني حتى أسفر الصبح. رأى أن تطهير ثوبه الذي هو فرض أولى من مبادرة أول الوقت الذي هو أفضل. و هذا يدل على نجاسة المني! لأن اشتغاله به و تتبعه له حتى ذهب أكثر الوقت و خيف عليه من ضيقه، وأنكر عليه عمرو بن العاص التأخير، و أمره باستبدال ثوب، دليل على نجاسة الثوب عندهم. و لو لم يكن نجسا عندهم لما اشتغل عمر بغسله. و لو اشتغل به لقيل له: تشتغل عن الصلاة بإزالة ما لم تلزم إزالته؟! و بنجاسة المني قال أبو حنيفة، و قال الشافعي: هو طاهر. و الدليل على نجاسته فعل عمر بن الخطاب بحضرة جماعة من الصحابة في سفره، و أفعالُهُ كانت تنقل و يُتَحَدّث بها ولم ينكر ذلك عليه منكر فثبت أنه إجماع. اهـ
و قال الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1/ 52): أن عمر فعل ما لا بد له منه لضيق وقت الصلاة ولم ينكر ذلك عليه أحد ممن كان معه فدل ذلك على متابعتهم إياه على ما رأى من ذلك.اهـ
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
عن أبي حازم، قال: جاء رجل إلى ابن عمر قال: «الرجل يكون مع أهله ثم يحتلم في الثوب؟ فقال ابن عمر: إن رأيتم فيه شيئا فاغسلوه وإن لم تروا فيه شيئا فانضحوا فيه بالماء» [73]
و عن نافع، أن ابن عمر، يقول: «إذا أصاب الثوب شيء من الجنابة فرأى أثره في ثوبه فليغسل ذلك المكان من ثوبه، و لا يغسل سائر ثوبه، فإذا لم يهتد له - و علم أنه قد أصابه - فليغسل الثوب كله!» [74]
جابربن سمرة رضي الله عنه:
عن عبد الملك بن عمر، عن جابر بن سمرة، قال: «سأله رجل: أجامع في الثوب وأصلي فيه؟ قال: إن أصابه شيء فاغسله، و إن لم يصبه شيء فلا بأس أن تصلي فيه» [75]
أبو هريرة رضي الله عنه:
عن طلحة بن عبد الله بن عوف، عن أبي هريرة؛ أنه كان يقول في الجنابة في الثوب: «إن رأيت أثره فاغسله، وإن علمت أن قد أصابه، ثم خفي عليك فاغسل الثوب، وإن شككت فلم تدر أصاب الثوب أم لا، فانضحه». [76]
و العجيب أن البيهقي رحمه الله – و هو ممن يرون طهارة المني – بوب على هذا الحديث: (باب النجاسة إذا خفي موضعها من الثوب)
أنس بن مالك رضي الله عنه:
عن أنس رضي الله عنه - في رجل أجنب في ثوبه فلم ير أثره - قال: " يغسله كله ". و في رواية: " سئل أنس بن مالك عن قطيفة أصابتها جنابة لا يدري أين موضعها؟ قال: اغسلها ". [77]
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
و عن الحكم: " أن ابن مسعود كان يغسل أثر الإحتلام من ثوبه ". [78]
هؤلاء هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و فقهاؤهم الذين يقتدى بهم و يؤخذ عنهم.
...
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[17 - 08 - 09, 08:09 ص]ـ
مذهب ابن عباس رضي الله عنهما:
و أما ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما فروايات مختلفة؛ و هي عن عطاء و سعيد بن جبير و عكرمة مولاه. و هذا بيانها:
¥