لا إلزام في مسائل الاجتهاد، وهذا لا ينبغي أن يخفى على طالب علم.
وهذه المسألة الأهم، وهي منهجية مقدَّمة على البحث في الراجح.
هذه مسألة، وأرجو أن لا تخلط بينها وبين الترجيح ..
أما الثانية .. فلَنَا:
1 - البراءة الأصلية،
2 - وفتويان ثابتتان لصحابيين، كما أن أم المؤمنين عائشة قد أنكرت على من غسل ثوبه كله من المني وقالت: (إنما كان يجزيك إن رأيته أن تغسل مكانه، فإن لم تره نضحت حوله، لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله فركاً فيصلي فيه)، واحتجاجها بالفرك هنا له معناه ..
3 - نقول لأئمة الشافعية والحنابلة في نقض كثير من الدعاوى التي احتج بها المالكية ومن وافقهم كالقياس على البول والدم من كل وجه، وهي من مسائل المناظرات في كتبهم ..
وكأني بالشيخ عبدالوهاب قد اتكأ على ما ذكره ابن رشد من أن أحد سببي الخلاف في المسألة: اضطراب الرواية عن عائشة رضي الله عنها، ودون دعوى اضطرابها خرط القتاد.
قلت: ولكنَّ ابن رشد -رحمه الله- بين أن القائلين بطهارته قد (جمعوا) بين الأحاديث، وأن القائلين بنجاسته قد رجحوا حديث الغسل على الفرك، و (فهموا) منه النجاسة .. ثم كأني به قد رأى -رحمه الله- ظهور مذهب غير المالكية على مذهب المالكية، حتى الأحناف يتسق الحديث مع قولهم بالنجاسة؛ لأن النجاسة عندهم تزول بغير الماء من فرك ونحوه. فانظر كلامه في "بدابة المجتهد".
تنبيه: هل القول بنجاسة المني قولُ الجمهور؟
الجواب: قال بطهارته الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وداود. وهو محكي عن سعيد بن المسيب وعطاء .. وعن جمع من الصحابة رضي الله عنهم.
ثم هناك أدلة لا يقبلها الخصم، نحو:
- الأمر بالغسل .. أجابوا عنه بحمله على الاستحباب، ولأنه مستقذر طبعاً.
- الاعتماد على تسميته "أذى" .. ضعيف
فقد جاء وصف غير النجاسة بذلك، ومنه: حديث: (إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه. حتى يحضره عند طعامه. فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى. ثم ليأكلها. ولا يدعها للشيطان).
وفي رواية: "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان".
على أن الجزم بأن المراد بهذا اللفظ في النصوص المذكورة: المني .. محل احتمال
فأي قوة يكتسبها القول بنجاسته بمثل هذا؟!
ثم أي إلزام في مسألة اجتهادية كهذه؟!!! وقد بين ابن رشد أن الأمر (فهم) فهمه القائلون بالنجاسة، وليس فيه نص لطرف.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[20 - 08 - 09, 02:03 م]ـ
الحمد لله المنعم الوهاب والصلاة والسلام على محمد النبي الأواب، أما بعد: فسلام عليك أخي عبد الوهاب.
وإنك ـ والحق يقال ــ قد امتعتنا برزق حلو من قطوف الأعناب هو أحلى من المصاب عند اولي الالباب، وقد بقيت قطافة في حقل،ووشل من عيون وشل، أحببت أن أوردها على مهل،ومثلك بالحلم اشتمل، فلا تعجل علي ولا تقل:"ما هكذا يا أبا العلياء تورد الابل".
وحتى تتيسر المتابعة وتسهل، أحببت ان أتكلم على كل مشاركة من مشاركاتك على حدة، وهذا أوان الشروع في ذلك فأقول وبالله أستعصم من الزلل:
قال عبدالوهاب مهية;1099207] أما أولا:
•بيان أمر النبي صلى الله عليه و سلم بغسل المني، و إبطال حجة من يتمسك بالبراءة الأصلية:
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال:
«ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تصيبه الجنابة من الليل فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: توضأ واغسل ذكرك ثم نم»
أخرجه البخاري (286) و مسلم (730).
و قوله:" توضأ ... إلخ " الواو هنا للجمع و ليست للترتيب. أي فاجمع بين غسل الذكر و الوضوء، و معلوم أن غسل الذكر يكون أولا.
و قد رواه ابن حبان في صحيحه (1212) بلفظ: «اغسل ذكرك ثم توضأ ثم ارقد»
و عند أحمد (5190) و الدارمي (756) بلفظ: «سأل عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: تصيبني الجنابة من الليل فأمره أن يغسل ذكره وليتوضأ».
قال عبد الوهاب:
(و في هذا دليل واضح على نجاسة المني، و هو نظير قوله صلى الله عليه و سلم في المذي - و هو نجس بالإتفاق -: «توضأ و اغسل ذكرك» أخرجه البخاري (266) و مسلم (721).
و الأمر فيه للوجوب)
جوابه: قد علمت ان مشهور مذهب إمامك مالك ـ رضي الله عنه ـ عدم وجوب هذا الوضوء (وضوء الجنب)،فقولك بوجوب غسل الذكر يلزم منه وجوب الوضوء بل ووجوب النوم بعده!!
¥