تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جوابه:أن بقال له: أخبرنا عن نفسك، ماذا كنت فاعلا لو تيقنت تنجس ثوبك ببول وخفي عليك موضعه، هل كنت تكتفي برشه ونضحه؟ أم كنت تغسله كله؟ والثاني هو الامر في الطهارة. فلو كان المني نجسا كنجاسة البول لأمرته أن يغسله على كل حال.

قال:و لذلك قال القاضي عياض في " المعلم " (1/ 114): الحديث فيه حجة لنا على نجاسته، و إلا فلم يُغسَل؟ فإن قيل: للتنظيف. قيل: فلم أمرته أن ينضح؟ إذا لم يروا هذا حكم النجاسات.

جوابه:وهل من مذهب القاضي عياض التخيير في ازالة النجاسة بين الغسل والنضح؟ فإن نفيت فبالحق قضيت،وإن اثبت فقد هذيت.فاختر لنفسك.

و يصحح أن فرك عائشة له، إنما كان بالماء. لأنه جاء متصلا بهذا الكلام الأول. و يحمل على ما تقدم قولُها، و إلا كان الكلام متناقضا. فالحديث بنفسه حجة على المخالف.

و قال القرطبي في " المفهم ": و هذا من عائشة يدل على أن المني نجس، و أنه لا يجزيء فيه إلا غسله، فإنها قالت: " إنما "، و هي من حروف الحصر، و يؤيد هذا و يوضحه قولها: فإن لم تر نضحت حوله ". فإن النضح إنما مشروعيته حيث تحققت النجاسة و شُك في الإصابة.

قال: و هذا مذهب السلف و جمهور العلماء، و ذهب الشافعي و كثير من المحدثين إلى أنه طاهر، متمسكين بقول عائشة: " لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركا فيصلي فيه ". و بقولها: " و لقد رأيتني و إني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسا بظفري ".

و هذا لا حجة فيه لوجهين:

أحدهما: أنها إنما ذكرت ذلك محتجة به على فتياها؛ بأنه لا يجزيء فيه إلا الغسل فيما رُؤي منه، و النضح فيما لم يُرَ، و تتقرر حجتها إلا بأن تكون فركته و حكته بالماء، و إلا ناقضَ دليلُها فُتياها.

و ثانيهما: أنها نصت في الطريق الأخرى: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، و أنا أنظر إلى أثر الغسل فيه ". لا يقال: كان غسله إياه كان مبالغة في النظافة، لأنا نقول: الظاهر من غسله للصلاة و انتظار جفافه و خروجه إليها، و في ثوبه بقع الماء، أن ذلك إنما كان لأجل نجاسته. و أيضا فإن مناسبة الغسل للنجاسة أصلية، إذ هي المأمور بغسلها. فحمل الغسل على قصد النجاسة أولى.اهـ

و قال الكاندهلوي في " أوجز المسالك " (1/ 531): و أنت تدري أن الفرك لو دل على الطهارة، لزم طهارة دم الحيض، و طهارة كل النجاسات التي اختلطت بالنعل و غيره ذلك؛ فإنه وقع الفرك في أمثال هذا كثير.اهـ

...

جوابه:من طريق الرواية:الشيخ عبد الوهاب لا يفتأ يحتج بالمرجوح ويدع الراجح، فيقع منه الوهم والايهام! وإلا فما معنى أن يترك روايه الفرك لغير غسل وقد رواها عنها الجم الغفير ــ والعجب أنه ذكرهم في مقدمة بحثه ــ وكلها صحيحة ثايتة مسندة قد رضيها الائمة الكبار فأودعوها في صحيح الآثار، وليس في شيئ منها ذكر الغسل،بل فيها إنكار الغسل ــ وقد حاول تأويله ـ أقول يترك هذا كله ثم يتمسك يروايتين مغموصتين مدخولتين فيهما ذكر الغسل،وأراني مضطرا لبيان حال هاتين الروايتين في هذا الموضع فأقول:

الرواية الاولى: (

عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ الْمَنِيِّ يُصِيبُ ثَوْبَ الرَّجُلِ أَيَغْسِلُهُ أَمْ يَغْسِلُ الثَّوْبَ فَقَالَ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْسِلُ الْمَنِيَّ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ الْغَسْلِ فِيهِ)

قال الشافعي في الام: (هذا ليس بثابت عن عائشة،هم ـ الحفاظ ـ يخافون فيه غلط عمرو بن ميمون إنما هو رأي سبيمان بن يسار كذا حفظه عنه الحفاظ أنه قال غسله أحب الي) ثم أعله بعلتين:

ـ الانقطاع:قال لم يسمع سليمان علمناه من عائشة حرفا قط.

ـ المخالفة لما روي عنها بعني في الاكتفاء بالفرك وانكار وجوب الغسل.

وقد نقل ابن الملقن عن احمد بن حنبل أنه قال:إنما روي غسل المني عن عائشة من وجه واحد رواه عمرو بن ميمون عن سليمان ولم يسمع من عائشة. هذا حال هذه الرواية رواية.

و أما من حيث الدراية فيقال له مجرد غسله ثوبه من المني عند خروجه الى المسجد لا يدل بمفرده على نجاسة المني لأننا نقول إنما غسله تنظفا وتطيبا. وهل يليق بذي مروءة ان يخرج الى مجامع الناس وقوبه متلطخ بالمني؟!

الرواية الثانية:

خَالِدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ أَنَّ رَجُلًا نَزَلَ بِعَائِشَةَ

فَأَصْبَحَ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّمَا كَانَ يُجْزِئُكَ إِنْ رَأَيْتَهُ أَنْ تَغْسِلَ مَكَانَهُ فَإِنْ لَمْ تَرَ نَضَحْتَ حَوْلَهُ وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْكًا فَيُصَلِّي فِيهِ)

والحديث عن هذه الرواية من جهتي الرواية والدراية ايضا، فأما من حيث الرواية: لقد تفرد ابو معشر عن اصحاب ابراهيم بهذا اللفظ، اما الاعمش ومن وافقه فإنهم لم يذكروا غسلا ولا نضحا،وقد قال الترمذي رواية الاعمش ـ اي ومن وافقه ـ أصح ـ يعني من رواية ابي معشر.) على ان ابا معشر قد روى كما رواية الجماعة وهو عند النسائي. أفيترك المتفق عليه الى المختلف فيه؟

أما من جهة الدراية فلا تنهض هذه الرواية دليلا على نجاسة المني لما تقدم في مداخلاتي السابقة.

ولذلك قال ابن المنذر: (

المني طاهر ولا أعلم دلالة من كتاب ولا سنة ولا إجماع يوجب غسله)

والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير