و قال صلى الله عليه و سلم: " الماء طهور ... "
فالأمر بغسل شيء إنما هو من أجل تطهيره.
و يفرق بين ما هو للنجاسة و ما هو للتنظيف بالدلائل و القرائن.
جوابه:من أصل هذا الاصل؟ هل لك فيه سلف؟ هلم قوله. ثم أترى أمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالغسل يوم الجمعة وتغسيل الميت لعلة النجاسة؟
وقد أمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بغسل الثوب من الخلوق وشدد فيه أتراه لعلة النجاسة؟
وقد أمر بغسل الإناء يلغ فيه الكلب سبعا أتراه لعلة النجاسة يا "مالكي "؟
فالطين مثلا: لو أمر بغسله لقلنا إنه نجس على الأصل. إلا أنه لما ثبت صلاة النبي صلى الله عليه و سلم عليه و به، دل ذلك على طهارته.
يل الذي دل على طهارته أصل خلقته (جعلت لي الارض مسجدا و ... طهورا)
و نجاسة المني قلنا إنها ثابتة:
- بالأمر بغسله مع مداومة النبي على غسله.
- و بوصفه بالنجاسة (الأذى)
ــ هذا الذي ننازع في توجييه.
و اعلم أن (الأذى) تأتي في الكتاب و السنة بمعنى النجاسة، و بمعنى الإستقذار، و بمعنى الألم ...
و نفرق بين هذه المعاني بالسياق و القرينة.
و القول بأن وصف النجاسة بالأذى لم يأت في الشرع قول مكابر و مجانب للحق.
إنما اعترض عليك في قصر معناها على النجاسة.
فإن قلت: كيف حملتَ (الأذى) في المني على النجاسة؟
فالجواب: هو امتناع النبي عن الصلاة به. و هذا حكم النجاسة.
و لو كان غير نجس لصلى به و لو مرة ليبين الجواز، كما فعل في حديث النخامة. فلما لم يفعل ذلك دل على أنه نجس.
قد ثبت أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى في ثوب عليه أثر المني، وليس ذلك شأن النجاسات، ففي صحيح مسلم وغيره أن عائشة عابت على من ظن وجوب غسله وقالت: (لقد كنت افركه من ثوب رسول الله فيصلي فيه) وفي حديث آخر لها أخبرت أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يسلته بالاذخر ثم يصلي فيه.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[27 - 08 - 09, 02:48 ص]ـ
قد اجاب الشوكاني على ذلك:
وأيضا ثبت السلت للرطب والحك لليابس من فعله صلى الله عليه وسلم كما في حديث الباب، وثبت أمره بالحت وقال: {إنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو إذخرة} وأجيب بأن ذلك لا يدل على الطهارة وإنما يدل على كيفية التطهير فغاية الأمر أنه نجس خفف في تطهيره بما هو أخف من الماء والماء لا يتعين لإزالة جميع النجاسات كما حررناه في هذا الشرح سابقا، وإلا لزم طهارة العذرة التي في النعل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بمسحها في التراب ورتب على ذلك الصلاة فيها
قولك هذا خيرُ من قول المالكية-رحمهم الله- من حيث الأصول، ولا أظن الشيخ عبدالوهاب يوافقك؛ إذ الحنفية هم من يقولون بنجاسته، وهم من يرون زوال النجاسة بغير الماء، وأرجو أن تكون ملتزماً بأصلك هذا في كل الفروع. أما المالكية فلا.
وأما الاستدلال بمجرد الأمر بالغسل على نجاسته فضعيف؛ لأن نجاسة الكلب ثبتت من جهة أخرى لا من جهة الأمر بالغسل وحدها .. منها ما جاء في مسلم: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب)، ولفظة (طهور) لا تكون إلا عن حدث أو خبث، ولا حدث هنا فتعين القول بالنجاسة .. وقد نقول بالنجاسة أيضاً إذا لم يكن للأمر بالغسل معنى معقولاً سواها .. فتأمل.
ـ[أبو معاذ الهلالي]ــــــــ[27 - 08 - 09, 04:44 ص]ـ
أخي عبد الكريم:
(قلتَ: قد اجبتُك اخي الكريم).
لا لم تجبني، فقد سألتُك سؤالين لم تجب عنهما، وهما:
السؤال الأول: هل حكُّ المنيِّ يزيلُهُ بصورة تامّة؟ أم سوف يبقى أثرُهُ ولونُهُ في الثوب، وربما رائحتُه أيضاً.
السؤال الثاني ـ وهو متعلَّق بك شخصيّاً ـ: هل يكفي عندك الفَرْكُ في اليابس من المنيِّ أم لا بدّ من غسله؟
(قلتَ: و لم ارى في جوابك شيئا جديدا)
لأنك لا تفتأ تكرّر استدلالاتك في كلِّ مشاركة.
(قلتَ: اما المخاط فقد اجبتك عنه انما اثر عبد الله بن العباس رضي الله عنه في كيفية الازالة).
هذا والله عجيب!
فهل تعتقد أنّ من سأل ابن عباس عن المنيِّ كان لا يعرف كيف يزيله من ثوبه فاحتاج أن يستفتيَ حبرَ الأمة وترجمان القرآن؟!
أرجو أن تتأمل قليلاً أيها الفاضل.
ثمّ تأمَّلْ أيضاً قولَ ابنِ عبّاس رضي الله عنهما -:"المنيُّ بمنزلة المخاط فأمطْهُ عنكَ ولو بإذخرة ".
فإذا كان المنيُّ نجساً ـ كما ترى ـ فهل تظنّ أنه يكفي في إزالة عين النجاسة أن يُماط بإذخرة؟
ثمّ تأمّل ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قَالَت: «لقد رَأَيْتنِي أفرك الْمَنِيّ من ثوب رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَهُوَ يُصَلِّي».
فهل كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم سيصلي وعلى ثوبه نجاسة؟!
(قلتَ: وقد اعترفت بنفسك انه لا بد من ازالته).
قلنا مراراً: إزالته لازمة من جهة العُرف لا من جهة الشّرع، والفرق بينهما ظاهر.
ومثل ذلك إزالة المخاط فإنه لازم من جهة العُرف فقط، فهل ستلزمني بالقول بنجاسته أيضاً؟!
(قلتَ: فما دمت اتفقت معي انه لا بد من ازالته فقد اثبتت نجاسته فما معنى وجوب الازالة من غير علة).
قلنا مراراً: العلة الاستقذار لا النجاسة.
(قلتَ: والكل يعرف ان الاستقذار لا يوجب ازالة).
صدقتَ: لا يوجب الإزالة من جهة الشّرع لا من جهة العُرف فهما جهتان منفكتان.
(قلتَ: أمّا عن القائلين بطهارة المني فليس لديهم دليل يذكر)
عفا الله عنك!
القول بطهارة المنيِّ هو قول خلقٍ من السّلف والخلف من المحقّقين وغيرهم، فهل تظنّ فعلاً أنه لم يكن لهم دليلٌ يذكر؟!
(قلتَ: اما ادعاؤك الخلاف بين الصحابة فلم ارى ما يدل على ذلك من من الصحابة قال بطهارته!!!)
أخي الكريم: ليتك تراجع الكتب التي تُعنى بذكر الخلاف العالي كالاستذكار والمحلى وغيرهما.
(قلتَ: لم تجب عن ما اوردته من حديث النضح فهل ينضح ما لا يرى استقذارا؟)
الجواب سهل، وقد أشرتُ إليه مراراً وكنتُ ظننتكَ انتبهتَ له، وهو أنّ الصحابة رضي الله عنهم مختلفون في حكم المنيِّ، ومذهب أبي هريرة وابن عمر في رواية أنّ المنيَّ نجس، ومن ثَمّ فكلامهما متماشي مع رأيهم الفقهي.
¥