تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واعتُرض عليه: بأن الكوبة لم يُتَحقَّق موضوعها في اللغة، فقيل: هي النرد، وقيل: إنها البرابط، وقيل: إنها الطبل (71)، فلمَّا اختلف أهل اللغة في معناها سقط الاحتجاج بالأحاديث التي فيها ذكر الكوبة بالمعنى الذي ذكروه.

وأُجيب عنه: بأن تفسير الكوبة بالطبل هو التفسير الراجح؛ لأنه صادر من راوي الحديث وهو أعلم بمرويه (72).

الحديث الرابع:

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة، مزمار عند نعمة، ورنَّة عند مصيبة) (73).

وجه الدلالة: وصف النبي صلى الله عليه وسلم صوت المزمار بأنه صوت ملعون في الدنيا والآخرة، وهي صفة تقتضي أن يكون موصوفها أمراً قد أنكره الشارع ونهى عنه، وقد جاء هذا النهي في حديث قريب المعنى مما نحن بصدده، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إني لم أُنْهَ عن البكاء، ولكني نهيت عن صوتين فاجرين: صوت عند نغمة لهو، ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة، لطم وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان) (74)، والنهي يقتضي التحريم، وليس ثمة ما يصرفه عنه إلى غيره، فكان هذا الحديث دليلاً على حرمة استماع المعازف بأنواعها.

واعتُرض عليه: بأنَّ في سنده شبيب بن بشر البجلي (75)، قيل عنه: ليِّن الحديث، يخطىء كثيراً، وقيل: متروك.

وأُجيب عنه: بأن الحديث يتقوَّى بالحديث الذي سبق ذكره في وجه الدلالة، قال الألباني - رحمه الله -: "فالإسناد حسن، بل هو صحيح بالتالي" (76) - يعني حديث (إني لم أُنْهَ عن البكاء) السابق ذكره قريباً -.

الحديث الخامس:

عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله بعثني رحمة وهدى للعالمين، وأمرني ربي عز وجل بمحق المعازف والمزامير والأوثان والصُّلُب وأمر الجاهلية، وحلف ربي عز وجل بعزته لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من خمر إلا سقيته من الصديد مثلها يوم القيامة مغفوراً له أو معذباً، ولا يتركها من مخافتي إلا سقيته من حياض القدس يوم القيامة، ولا يحل بيعهن، ولا شراؤهن، ولا تعليمهن، وتجارة فيهن، وثمنهن حرام، يعني الضاربات) (77).

وجه الاستدلال: أن الرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن أن المزامير والمعازف مما أُمر بمحقه، ولا يكون هذا إلا لحرمتها، فدل على حرمة العزف عليها واستماعها.

واعتُرض على الاستدلال به: بأن الحديث ضعيف؛ فيه علي بن يزيد الأَلْهاني (78)، ضعيف، قال عنه البخاري: منكر الحديث.

وأُجيب عنه: بأنهم " لم يتفقوا على ضعفه، بل قال فيه أبو مُسْهِر- وهو من أهل بلده، وهو أعلم بأهل بلده من غيرهم -: لا أعلم إلا خيراً، والحديث وإن كان ضعيفاً، إلا أن له شواهد كثيرة في ذم المعازف، أشهرها ما رواه البخاري في صحيحه " (79)، وهو الحديث الأول من أدلة هذا القول.

الحديث السادس:

قوله صلى الله عليه وسلم: (يكون في أمتي قذف ومسخ وخسف) قيل: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إذا ظهرت المعازف وكثرت القيان وشربت الخمور) (80).

وجه الدلالة: بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في هذه الأمة قذف ومسخ وخسف، وأن لذلك علامات منها؛ ظهور وانتشار المعازف، وهذا يدل على أن المعازف محرمة، كما أنه قرنها بشرب الخمر المحرم اتفاقاً.

فهذه بعض الأحاديث التي استُدل بها على تحريم الاستماع للمعازف وآلات الطرب.

والأحاديث التي وردت في ذم الأغاني والمعازف كثيرة جداً، ولا تخلوا أسانيد بعضها من ضعف، غير أنَّ فيها أحاديث صحيحة ثابتة عند أهل العلم بالحديث - كما سبق - (81).

ثالثاً: الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين:

1. عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "الدف حرام، والمعازف حرام، والكوبة حرام، والمزمار حرام" (82).

وجه الاستدلال: أن ابن عباس رضي الله عنه حرم المعازف بأنواعها، ومنها الدف والكوبة والمزمار، وغيرها يقاس عليها، ولا يقول هذا إلا عن توقيف؛ لأن مثل هذا لا مجال للرأي فيه، فكان قوله هذا دليلاً على حرمة آلات اللهو بجميع أنواعها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير