تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: "في هذه الآية من القرآن يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (83) قال: هي في التوراة إنَّ الله أنزل الحق ليُذهب به الباطل، ويُبطل به اللعب والزَّفَن (84) والمزمارات والمزاهر والكنارات (85)) (86).

3. عن سُوَيْد بن غَفَلَة - رحمه الله تعالى (87) - قال: "الملائكة لا تدخل بيتاً فيه دف". وعن القاضي شريحنحوه (88).

4. عن إبراهيم النخعي - رحمه الله -قال: "كان أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنهيستقبلون الجواري في الأزقة معهن الدفوف فيشقونها " (89).

5. كتب عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى - إلى مؤدب ولده: " ... وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي، التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب، كما ينبت العشب بالماء ... " (90).

رابعاً: الإجماع:-

نقل الإجماع على حرمة المعازف عدد من أهل العلم - كما سبق -.

خامساً: المعقول:-

(1) إن آلات اللهو تُطرب النفوس، وتُورث أهلها سكراً أعظم من سكر الخمر، فيجدون لذة بلا تمييز، كما يجد شارب الخمر، ويصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة؛ ولأنها تذهب الحياء والوفاء، وتُخِلُّ بالعقول والفعال، فتحرم المعازف قياساً على الخمر (91).

(2) إن المعازف تحرك من متعاطيها ومستمعها دواعي الصبا والهوى، وتُذكِّره بما مضى من شهواته وانقضى، وتحمله على البطالة والمجون، فيلزم منها أنها حرام؛ وذلك لأنها مظنة الفساد، فتحرم ملابستها كالخلوة بالأجنبية ولذلك قيل: "الغناء رقية الزنا" (92).

(3) إن تعاطي ذلك واستماعه فيه تشبه بأهل الفجور والمجون والعصيان، والتشبه بهم حرام، ووجه الشبه أن صورة الفاعل له ممن ينوي به الخير كصورة أهل الفسق إنما هو غناء مطرب، وزمر، وضرب آلات اللهو، ولا فرق بينهما إلا بالنية، وهي أمر خفي لا يُطلع عليها، فالصورة الظاهرة واحدة والفرق غير ظاهر، فالتشبه حاصل (93)، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) (94).

وبعدُ هذه بعض الأدلة التي استدل بها العلماء على تحريم المعازف، وهناك غيرها الكثير، غير أني اكتفيت بأشهرها وأقربها دلالة، وأصلحها للاحتجاج.

أدلة القول الثاني (الإباحة):-

أولاً: من القرآن الكريم:-

(1) قول الله تعالى: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْهَا (95).

وجه الاستدلال: اللهو هنا الطبل، فإن الله عز وجل عطف اللهو على التجارة، وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه، وبالإجماع تحليل التجارة، فثبت أن هذا الحكم مما أقره الشرع على ما كان عليه في الجاهلية (96).

واعتُرض على هذا الاستدلال بما يلي (97):

الاعتراض الأول: القول بأن حكم المعطوف حكم المعطوف عليه باطل، ولا لزوم بينهما من الشرع ولا من اللغة ولا من العقل.

الاعتراض الثاني: الآية في معرض الذم والعتاب، فلا يستدل بها على الإباحة.

الاعتراض الثالث: كلمة اللهو لا تنحصر في المزامير والملاهي، وليست هي المرادة في الآية الكريمة.

(2) قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا (98)، فالأصل في الأشياء الإباحة، ولا يُسلَّم بصحة الأحاديث التي في تحريم آلات اللهو (99).

واعتُرض على هذا الاستدلال: بأنه قد صح في تحريم آلات اللهو والمعازف أدلة كثيرة؛ منها ما سبق ذكره في أدلة القول الأول.

ثانياً: من السنة:-

الحديث الأول:

عن نافع قال: سمع ابن عمر رضي الله عنه مزماراً، قال فوضع أصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق وقال لي "يا نافع هل تسمع شيئاً قال: فقلت: لا، قال: فرفع أصبعيه من أذنيه وقال: " كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا" (100).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير