• وأحمد لطفي السيد – من مصر – دعا إلى التسامح في قبول المسميات الأجنبية، وإدخالها في اللغة العربية، زاعماً أن استعمال المفردات العامية وتراكيبها: إحياء للغة الكلام والخطاب، وأننا بذلك نجعل العامة يتابعون كتابة الخاصة، وخطبهم وأحاديثهم.
ولئلا نطيل نحيل القارئ إلى كتاب ((الاتجاهات الوطنية)) للدكتور محمد حسين – وكتاب ((أباطيل وأسمار)) للأستاذ محمود محمد شاكر [1] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=790#_ftn1) - وكتاب ((تاريخ الدعوة إلى اللغة العامية)) للدكتورة نفوسة زكريا سعيد – وكتاب ((التبشير والاستعمار)) للأستاذين عمر فروخ ومصطفى الخالدي ..
لغة عربية جديدة
وفي عام 1393هـ ((1973م)) انعقد في برمانا في لبنان مؤتمر ضم عدداً من أساتذة الجامعات في أمريكا وأوروبا والبلاد العربية. وبحث فيه اقتراح فرنسي قدمه جاك بيول، وأندريه رومان، ورولان مانيه .. بإيجاد لغة عربية جديدة تكون مفرداتها هي المفردات الأكثر تداولاً بين الناطقين بالضاد .. أي استعمال اللهجات العامية الدارجة، وذلك بحجة أن ((الاستعمال هو السيد الذي يفرض نفسه)).
وهكذا يتكرر الزعم الفاسق بأن الفصحى لا تستجيب للحضارة الحديثة، ولا تستوعبها، وأنها عسيرة على الذين يتعلمونها، ولابد من استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية، وكتابتها باللهجات العامية الدارجة .. وقد قام فريق من الأدباء العرب بتأليف الكتب، ونظم الأشعار، وكتابة القصص باللهجات العامية تطبيقاً لهذه الدعوة الماكرة، ومظاهرها لدعاتها الكائدين للإسلام والعربية، ومحاولة لإقناع الجماهير بأن اصطناع اللغة العامية في الأدب العربي والصحافة العربية .. إنما هو اعتراف بحقها – أي الجماهير – في العلم والفهم، وفي التأثر بالرأي العام والتأثير فيه.
والدعاة الآخرون إلى الشعر الحر، والشعر المرسل .. المنتقدون لقواعد القصيد العربي، ونظام الوزن والقافية – ليسوا بعيدين عن ميدان التآمر على اللغة العربية وبلاغتها المؤثرة، وأدبها الممتع.
وليس أدل على خطأ هذه الدعوات والمحاولات، وخداع حملتها وافترائهم وزورهم، من الحقائق والتجارب العلمية والتربوية التالية:
أولاً:
أن ما تُتهم به العربية من تقصير ليس في ذاتها، وإنما التقصير الحقيقي هو في نفر من المدرسين الذين يتولون تدريسها للطلاب في المعاهد والكليات، ويؤلِّفون فيها كتبهم ومراجعهم (كما يقول الدكتور عمر فروخ).
ثانياً:
أن أحد أسباب الصعوبة التي يجدها الأطفال في تعلم اللغة العربية: هو فرض لغة أجنبية عليه في المدرسة في سن مبكرة، وأن ازدواجية اللغة في هذه السن الباكرة هي الخطر الحقيقي الذي تتجنبه كل دول العالم. فاللغة الأجنبية يمكن تعلمها عند الحاجة إليها في ثلاثة شهور، كما يقول أحد رجال التربية في لبنان ((في مجلة الحوادث عام 1973م)).
ثالثاً:
أن اللغة العربية حفظت التراث العالمي، والعلمي بالذات، واستوعبتهما قروناً طويلة من الزمن، فكيف تعجز الآن عن القيام بنفس الدور؟
رابعاً:
إن ثمة مصاعب تواجه كل لغة في العالم، وثمة طرق وأساليب للتغلب على تلك المصاعب، أهمها: بالتأكيد تطوير طرق تدريس اللغة وتعلمها.
خامساً:
يقول الكاتب الإنجليزي ((هكسلي)): "إن كتابة العلوم والآداب باللغة العامة يضعف المواهب العلمية، ويقضي على ملكة الإنشاء الفصحى. لذلك ينبغي أن نرقى بعقول العامة إلى فهم لغة العلم والأدب العالية .. لا أن ننزل بالعلماء والأدباء إلى مستوى العامة".
ومع يقيننا الثابت بخسران هذه المحاولة اللئيمة في معركتها الفاشلة ضد اللغة العربية، لغة القرآن ولغة الدين الإسلامي، خسرانها اليوم وغداً كما خسرت بالأمس القريب والبعيد، إلا أننا لا نجد بُداً من وقفة قصيرة، نَرُدُ فيها الشبهة التي يختلقها الدعاة المتآمرون، حول مقدرة اللغة العربية وكفايتها وبلاغتها، وتفضح – إلى جانب ذلك – ما تقتضيه دعوتهم المنكرة من تخريب للْمجد الأدبي العربي، وتذويبٍ للشخصية العربية الأصيلة لغةً وأدباً وتأريخاً وحضارةً.
إن الدفاع عن اللغة العربية الفصحى: هو دفاع عن القرآن، وعن الدين الإسلامي: قُرآنه، وحديثِ رسوله، وتاريخِه، وتراثِه الفقهي، وذخائرِه الفكرية والأدبية الخالدة الماجدة ..
¥