تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكانت الآثار المباشرة على المناطق التي مرت بها هذه الحملة، وما صاحبها من نهب وتدمير لجميع الممتلكات، كالمنازل والقصور، والأمتعة، والكتب، والزروع والحيوانات. وكان أشد ما وقع من جيش الحملة من تدمير، ما حصل في الدرعية وضرما وثرمداء وشقراء وبلدان القصيم والخرج وغيرها من المدن، ورغم أن إبراهيم باشا قد عاهد الإمام عبدالله بن سعود بالمحافظة على سلامة الدرعية، إلا أنه لم يف بوعده وهدمها في شعبان من عام 1234ه - يونيو 1719م بناء على أوامر وصلته من والده بعد الاستئذان من السلطان في ذلك، وعلى الرغم من أن المصادر لا تذكر ما جرى للمخطوطات، إلا أن ما يجري عادة أثناء تلك الحرب من الهدم والتدمير والحرائق والنهب قد طال بعض المخطوطات لكونها محفوظة في الأغلب في المنازل. وهذا ما أشار إليه ابن بشر عندما تحدث عن إرسال السلطات العثمانية بعد سقوط الدرعية حملات عدة من أجل فرض سلطتها وسيطرتها على المنطقة، وكان منها حملة حسين بك، التي دمرت بلدة حريملاء، وأحرقت بعض الكتب في مكتبة الشيخ عبدالعزيز بن سيمان بن عبدالوهاب وصادرت بعضها الآخر.

ثانياً: نقل القوات العثمانية

المخطوطات النجدية إلى خارج نجد

جمعت هذه القوات كل ما توافر تحت يدها من الغنائم والأمتعة والأثاث، ويعنينا هنا المخطوطات النجدية، التي نقلتها هذه القوات إلى خارج نجد حرصاً منها على تحقيق هدفين هما:

أ - حجب مصدر التلقي الرئيس للعلم المتمثل في تلك المخطوطات، لما تمثله من رافد مهم للعلماء وطلبة العلم، مما أدى إلى حرص تلك القوات على جمعها بعد قضائها على بعض علماء نجد بالقتل أو الترحيل إلى مصر.

ب - سعيهم للإفادة من هذه الكتب لمعرفة ما قد يكون موجوداً فيها من محفوظات الحجرة النبوية الشريفة. ففي عام 1222ه - 1807م استفتى الإمام سعود بن عبدالعزيز علماء المدينة المنورة من الأحناف والمالكية والشافية والحنابلة في استخراج الأموال المودعة في الحجرة الشريفة لصرفها على أهل المدينة المنورة ومصالح الحرم، بسبب توقف بعث الصرة السلطانية إلى الحجاز، وشدة الحاجة والضرورة إلى الاستفادة من هذه الأموال وإنفاقها في مصالح المسلمين، لذلك قرر الإمام سعود فتح الحجرة النبوية الشريفة، وإخراج ما فيها، وكانت تضم تحفاً ومجوهرات ومصاحف وكتباً، مثل: كتاب «دلائل الخيرات»، وقد قام الإمام بتوزيع بعض المجوهرات والتحف وبيعها من أجل إنهاء الأزمة الاقتصادية في المدينة المنورة، كما أنه وهب جزءاً منها للشريف غالب بن مساعد الذي باعها عن طريق صهره محمد العطاس في الهند.

وبناء على ما سبق، أكدت الدولة العثمانية على والي مصر محمد علي باشا البحث في الدرعية عما يكون قد نقل إليها من أموال ومجوهرات ومصاحف وكتب الحجرة النبوية الشريفة، وشراء ما تم بيعه منها، ونقلها إلى المدينة المنورة. ويظهر كل ذلك جلياً عند النظر إلى المراسلات العديدة بين محمد علي باشا والمسؤولين العثمانيين، التي تتضمن الحض على البحث عن تلك الكتب أو المجوهرات، والسؤال عن مصيرها، ومنها تقارير عدة مرفوعة للسلطان محمود الثاني عن سؤال الإمام عبدالله بن سعود عما بقي من محفوظات الحجرة النبوية الشريفة، حيث وجد معه صندوقاً كان والده الإمام سعود بن عبدالعزيز قد وضعه عند ابنته الأميرة موضي بنت سعود لحفظه، ومنها أيضاً خطاب آخر موجه من محمد علي باشا إلى عمر أفندي كاتب السلطات عن بعض المصاحف وكتب الأدعية المستخلصة من السعوديين.

ويمكن تصنيف المخطوات التي تم جمعها ومصادرتها من نجد إلى مجموعتين هما:

1 - مجموعة إبراهيم باشا: وهي المجموعة التي جمعها قبل رحيله من نجد، وأمر بنقلها معه إلى المدينة المنورة، وبعد ذلك طلب والده توجيهاً حول وضع هذه الكتب، فأرسل والده رسالة إلى نجيب أفندي وكيله لدى الباب العالي في 13 جمادى الثانية 1236ه - 17 مارس 1821م ذكر فيها قيام ابنه بجمع وحد وستين مصحفاُ، وخمسمائة وثلاثين كتاباً من الدرعية، وأنه سلمها إلى إسماعيل آغا ناظر الأبنية في المدينة المنورة، من أجل حفظها، ثم استفسر عن كيفية التعامل معها. في 18 شوال 1327ه - 7 يوليو 1822م وجه محمد علي باشا إلى شيخ الحرم المدني ومحافظ المدينة المنورة بأن توضع هذه المجموعة في مكتبة الحرم المدني (كتبخانة الحرم)، وتوزع المصاحف على الأهالي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير