فقلت له: هذا ليس فرقا بل هم يكتبون الألف موصولة باللام أحيانا، ثم لنفترض أنها كتبت موصولة والسياق يفيد أنها (إلى) لا تذكره فرقا. وبالفعل قرأت مخطوطته وجدتها كل ألف بعده لام موصول.
فعلى المحقق أن يستحضر أنه يسعى جاهدا لخروج النص كما أراده مؤلفه، لا أن يشحن الحواشي برموز وطلاسم لا تسمن ولا تغني من جوع.
ثانيا: عزو الآيات القرآنية:
1 ـ إما داخل المتن تضع بعد الآية بين معقوفين مربعين هكذا [البقرة: 255] فتذكر السورة ثم رقم الآية، وليس هناك داعي لقولك سورة كذا آية كذا، لأن أهل الإسلام يعرفون المراد وأما غيرهم فلا عبرة بهم. وميزة هذه الطريقة ـ وضع اسم السورة ورقم الآية في المتن بعد الآية مباشرة ـ أنك لا تأخذ سطرا في الحاشية. ويعاب عليها أنك تتدخل في المتن، ولكن التدخل في هذه الحالة مما يتسامح به كغيره.
2 ـ أو في الحاشية تضع الآية بين معقوفين مربعين هكذا [النساء: 100]، وميزة هذه الطريقة أنها لا تتدخل في المتن، ويعاب عليها أنها تأخذ سطرا كاملا في الحاشية.
والمختار بين الطريقتين بحسب حال الكتاب فإن كانت الحواشي كثيرة فالأفضل في المتن وإن كانت الحواشي نادرة أو قليلة فالأفضل في الحاشية. وهذه الأمور وإن كانت تقدر بقدرها إلا أن الأكثر على استخدام الطريقة الأولى أن توضع في المتن.
وإن كان الكتاب مليء بالحواشي فالمحقق لا يعزو للآيات القرآنية إذا ألمح إليها المؤلف إلماحا، وإنما يكتفي بالعزو لما نص عليه، وكذلك الأحاديث.
أما إن كان الحواشي خالية من التعليقات والفروق ففي الأمر فسحة غير مطلقة بل محدودة بحدود وضوابط تناسب النص المعزو إليه. تعليق (ما يخرش المية).
ثالثا: تخريج الأحاديث: والأحاديث في المتن ترد على عدة أشكال فمنها أنها تكون أحاديث مخرجة بذكر الراوي وصاحب الكتاب الأصلي ودرجة الحديث، ومنها ما يكون مذكورا الراوي وصاحب الكتاب أحيانا ولا تذكر درجة الحديث، ومنها ما يكون مذكورا صاحب الكتاب ويهمل ما عداه. فكل كتاب له طريقته التي تناسبه بل كل محقق له ما يناسبه.
ولها ثلاثة طرق:
1 ـ مختصرة جدا: تذكر في الحاشية ما لم يذكر في المتن، الراوي وصاحب الكتاب ورقم الحديث إن كان الرقم دالا ودرجة الحديث من حيث القبول والرد. مثال ذلك:
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، سنن أبي داود (1255)، حديث حسن.
2 ـ مختصر: لم يذكر في المتن أي من علامات التخريج فتخرجه وترتب كتب التخريج ومواضعها بحسب ترتيب أهل الحديث لكتب الأصول، فما كان في الصحيحين أو أحدهما لا تضع درجته، بل لا تذكر معهما غيرهما، وإن كان في غير الصحيحين كان لزاما أن تسرد بشكل مرتب كتب الأصول التي ورد فيها الحديث لنفس الصحابي وإن تغير الصحابي أشرت إلى ذلك بيسير عبارة.
3 ـ مطول: وهذه مناسبة للأجزاء الحديثية، ولطلبة العلم في فن الحديث أو المصطلح، فيرد في المتن سند الحديث يتوجب على المحقق في هذه الحالة الترجمة لكل رجل من رجال الإسناد مع ذكر درجته بين الرجال وطبقته بيسير عبارة، ثم يشير إلى الكتب التي خرجت الحديث ثم درجته.
رابعا: الأعلام: مضى الإشارة إلى تقسيم الأعلام، وأن المراد بالعلم الذي تترجم له في الحاشية وباختصار شديد هو ذلك المغمور إما تماما أو نسبيا، وهذا يعود إلى تقدير المحقق وبراعته في الاشتغال بفنه ومعرفة أعلامه المغمورين أو المشكلين، فلو أن السياق جاء هذا ما من كلام أبي عبد الله، فأنت تعرف أن أبا عبدالله هو في السياق هو الإمام أحمد بن حنبل والإمام أحمد من المشاهير لا يعرف به، لكنه في هذه الحالة لا بد من الإشارة في المرة الأولى إلى أن أبا عبد الله هو فلان ابن فلان حتى وإن كان مشهورا من غير تعريف فقط إشارة.
الأعلام عندما تعرفه بهم أو تترجم لهم تحاول تأتي بكلام نافع ومفيد للقارئ وتختمه بسنة وفاته وتحيل القارئ إلى مصدر واحد، وبعضهم يريد أكثر من مصدر بحجة أن مكتبتك غير مكتبة الآخرين، والأول أولى، وتختار من المصادر أقرب مصدر ترجم للمؤلف فإن كان المؤلف من أهل القرن السابع الهجري مثلا فإنك تبحث في كتب التراجم وما شابهها في نفس القرن فإن لم تجد فتنزل إلى القرن الذي يليه تبحث في تراجم مات أصحابها في القرن الثامن الهجري فإن لم تجد تنزل إلى القرن التاسع وهكذا.
¥